أي: فاخبره، فسكت رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، فصلى الرجل، فأنزل الله، يدل عليه
الحديث الآتي. انتهى.
وقال في "العمدة": يشير بهذا إلى أن سبب نزول هذه الآية في أبي اليسر
المذكور، وفي تفسير ابن مردويه عن أبي أمامة: "أن رجلًا جاء إلى النبيّ -صلي الله عليه وسلم-،
فقال: يا رسول الله أقم فيّ حد الله مرّة أو مرّتين، فأعرض عنه، ثم أقيمت
الصلاة، فأنزل الله تعالى الآية".
وروى أبو عليّ الطوسيّ في "كتاب الأحكام" من طريق عبد الرحمن بن
أبي ليلى، عن معاذ -رضي الله عنه- قال: ولم يسمع منه: "أتى النبيّ -صلي الله عليه وسلم- رجل، فقال: يا
رسول الله أرأيت رجلًا لقي امرأة، وليس بينهما معرفة، فليس يأتي الرجل شيئًا
إلى امرأته، إلا قد أتاه إليها، إلا أنه لم يجامعها، فأنزل الله تعالى الآية، فأمره
أن يتوضأ، ويصلي، قال معاذ: فقلت: يا رسول الله أهي له خاصّة أم للمؤمنين
عامّة؟ قال: بل للمؤمنين عامة".
قال العينيّ -رحمه الله-: واعلم أن كون الرجل في الحديث المذكور أبا اليسر
هو أصح الأقوال الستة.
القول الثاني: إنه عمرو بن غزية بن عمرو الأنصاريّ أبو حَبّة بالباء
الموحدة التمار، رواه أبو صالح، عن ابن عباس: "جاءت امرأة إلى عمرو بن
غزية تبتاع تمرًا، فقال: إن في بيتي تمرًا، فانطلقي أبيعك منه، فلما دخلت
البيت بَطَش بها، فصنع بها كل شيء، إلا أنه لم يقع عليها، فلما ذهب عنه
الشيطان نَدِم على ما صنع، وأتى النبيّ -صلي الله عليه وسلم-، فقال: يا رسول الله تناولت امرأة،
فصنعت بها كل شيء، يصنع الرجل بامرأته، إلا أني لم أقع عليها، فقال
النبيّ -صلي الله عليه وسلم-: ما أدري، ولم يردّ عليه شيئًا، فبينما هم كذلك، إذ حضرت
الصلاة، فصلّوا، فنزلت الآية: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ}.
القول الثالث: إنه ابن معتب رجل من الأنصار، ذكره ابن أبي خيثمة في
"تاريخه" من حديث إبراهيم النخعيّ، قال: "أتى النبيّ -صلي الله عليه وسلم- رجل من الأنصار،
يقال له: معتب، فذكر الحديث.
القول الرابع: إنه أبو مقبل عامر بن قيس الأنصاريّ، ذكره مقاتل في
"نوادر التفسير"، وقال هو الذي نزل فيه: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ}.