الذنب، وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه"، والراجح أن قوله: والمستغفر. . .
إلى آخره موقوف، وأوله عند ابن ماجه، والطبرانيّ من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -،
وسنده حسن، وحديث: "خياركم كل مفتن توّاب"، ذكره في "مسند الفردوس"
عن عليّ - رضي الله عنه - (?).
4 - (ومنها): ما قاله القرطبيّ أيضًا: فائدة هذا الحديث أن العود إلى
الذنب، وإن كان أقبح من ابتدائه؛ لأنه انضاف إلى نقض التوبة، فالعودة إلى
التوبة أحسن من ابتدائها؛ لأنه انضاف إليها ملازمة الإلحاح بباب الكريم، فإنَّه
لا غافر للذنوب سواه. انتهى (?).
5 - (ومنها): ما قاله ابن بطال - رحمه الله -: في هذا الحديث أن المصرّ على
المعصية في مشيئة الله تعالى، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له، مغلّبًا الحسنة
التي جاء بها، وهي اعتقاد أن له ربًا خالقًا، يعذبه، ويغفر له، واستغفاره إياه
على ذلك يدلّ عليه قوله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام:
160] ولا حسنة أعظم من التوحيد، فإن قيل: إن استغفاره ربه توبة منه.
قلنا: ليس الاستغفار أكثر من طلب المغفرة، وقد يطلبها المصرّ والتائب،
ولا دلالة في الحديث على أنَّه تاب مما سأل الغفران عنه؛ لأنَّ حدّ التوبة
الرجوع عن الذنب، والعزم على أن لا يعود إليه، والإقلاع عنه، والاستغفار
بمجرّده لا يُفهم منه ذلك (?).
وقال غيره: شروط التوبة ثلاثة: الإقلاع، والندم، والعزم على أن لا
يعود إليه، والتعبير بالرجوع عن الذنب لا يفيد معنى الندم، بل هو إلى معنى
الإقلاع أقرب.
قال بعضهم: يكفي في التوبة تحقق الندم على وقوعه منه، فإنَّه يستلزم
الإقلاع عنه، والعزم على عدم العود فهما ناشئان عن الندم، لا أصلان معه،
ومن ثمَّ جاء الحديث: "الندم توبة"، وهو حديث حسن من حديث ابن