ويَحْتَمِل في توجيه رواية مسلم أن يقال: معنى "رأسه": جعله رأسًا،
ويكون بتشديد الهمزة، وقوله: "مالًا"؛ أي: بسبب المال. انتهى (?).
وقوله: (فَإِنَّهُ لَمْ يَبْتَئِرْ عِنْدَ اللهِ خَيْرًا) قال في "الفتح": كذا وقع هنا "يبتئر"
بفتح أوله، وسكون الموحّدة، وفتح المثناة، بعدها تحتانية مهموزة، ثمَّ راء
مهملة، وتفسير قتادة صحيح، وأصله من البئيرة بمعنى الذخيرة، والخبيئة، قال
أهل اللغة: بأرت الشيءَ، وابتأرته أبأره، وأبتئره: إذا خبأته، ووقع في رواية
ابن السكن: "لم يأبتر" بتقديم الهمزة على الموحّدة، حكاه عياض، وهما
صحيحان بمعنى، والأول أشهر، ومعناه: لم يُقَدِّم خيرًا، كما جاء مفسرًا في
الحديث، يقال: بأرتُ الشيء، وابتأرته، وائبترته: إذا ادّخرته، ومنه قيل
للحفرة: البئر، ووقع في "التوحيد"، وفي رواية أبي زيد المروزيّ فيما اقتصر
عليه عياض، وقد ثبت عندنا كذلك في رواية أبي ذرّ: "لم يبتئر، أو لم يبتئز"
بالشك في الزاي، أو الراء، وفي رواية الجرجاني بنون بدل الموحّدة، والزاي،
قال: وكلاهما غير صحيح، وفي بعض الروايات في غير البخاريّ: "ينتهز"
بالهاء بدل الهمزة، وبالزاي، و"يمتئر" بالميم بدل الموحّدة، وبالراء أيضًا،
قال: وكلاهما صحيح أيضًا، كالأولين. انتهى (?).
وقوله: (قَالَ: فَسَّرَهَا قَتَادَةُ. . . إلخ) فاعل "قال" ضمير سليمان التيميّ.
وقوله: (مَا ابْتَأَرَ، وكذا مَا امْتَأَرَ) بِالْمِيمِ معناهما واحد، كما سبق آنفًا؛
أي: ما ادّخر، والله تعالى أعلم.
[تنبيه]: أما رواية سليمان التيميّ عن قتادة فساقها البخاريّ - رحمه الله - في
"صحيحه"، فقال:
(6116) - حدّثنا موسى، حدّثنا معتمر، سمعت أبي، حدّثنا قتادة، عن
عقبة بن عبد الغافر، عن أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذكر رجلًا
فيمن كان سلف، أو قبلكم، آتاه الله مالًا وولدًا؛ يعني: أعطاه، قال: فلما
حُضِر، قال لبنيه: أيُّ أب كنت لكم؟ قالوا: خير أب، قال: فإنَّه لم يبتئر
عند الله خيرًا - فسَّرها قتادة: لم يدخر - وإن يَقْدَم على الله يعذبه، فانظروا،