مرفوعًا فعل مضارع، وهو خبر "إنَّ"، و"على أن يعذبني" متعلّق به، وهذا خبر
محقَّق عن الرجل، أخبر به عن نفسه أن الله يَقْدِر على تعذيبه، وهي رواية
مصححة لقول من قال: لم يكن جاهلًا، ولا شاكًّا، وإنما كان خائفًا.
وثانيهما: تخفيف "إِنْ" المكسورة، ورَفْع اسم الله تعالى بعدها، وجَزْم
"يَقْدِرْ" بها، و"عليّ" مشددة الياء، و"يُعَذِّبْني" مجزوم على جواب الشرط، وهذه
الرواية مصححة لقول من قال: إن الرجل كان شاكًّا على ما ذكرناه، والأول
أشبه ما اخترناه، والله تعالى أعلم. انتهى (?).
وقال النوويّ - رحمه الله -: قوله: "وَإِنَّ اللهَ يَقْدِرُ عَلَيَّ أَنْ يُعَذِّبَنِي" هكذا هو في
معظم النُّسخ ببلادنا، ونقل القاضي عياض اتفاق الرواة، والنسخ عليه، هكذا
بتكرير "إن"، وسقطت لفظة "إن" الثانية في بعض النسخ المعتمدة، فعلى هذا
تكون "إن" الأُولى شرطية، وتقديره: إن قدر الله عليَّ عَذّبَنِي، وهو موافق
للرواية السابقة، وأما على رواية الجمهور، وهي إثبات "إن" الثانية مع الأولى،
فاختُلف في تقديره، فقال القاضي: هذا الكلام فيه تلفيق، قال: فإن أُخذ على
ظاهره، ونُصِب اسم الله، وجُعِل "يَقدِر" في موضع خبر "إنَّ" استقام اللفظ،
وصح المعنى، لكنه يصير مخالفًا لِمَا سبق من كلامه الذي ظاهره الشكّ في
القدرة، قال: وقال بعضهم: صوابه حذف "إن" الثانية، وتخفيف الأُولى، ورَفْع
اسم الله تعالى، قال: وكذا ضبطناه عن بعضهم، هذا كلام القاضى.
وقيل: هو على ظاهره بإثبات "إن" في الموضعين، والأُولى مشدّدة،
ومعناه: إن الله قادر على أن يعذبني، ويكون هذا على قول من تأوَّل الرواية
الأُولى على أنَّه أراد بقَدَر: ضيّق، أو غيره مما ليس فيه نفي حقيقة القدرة،
ويجوز أن يكون على ظاهره، كما ذكر هذا القائل، لكن يكون معنى قوله هنا:
إن الله قادر على أن يعذبني، إن دفنتموني بهيئتي، فأما إن سحقتموني،
وذريتموني في البرّ والبحر، فلا يقدر عليّ، ويكون جوابه كما سبق، وبهذا
تجتمع الروايات، والله أعلم. انتهى (?).
(قَالَ: فَأَخَذَ مِنْهُمْ مِيثَاقًا، فَفَعَلُوا ذَلِكَ بِهِ، وَرَبِّي) قال النوويّ - رحمه الله -: هكذا