شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه -؛ (أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "قَالَ رَجُلٌ)؛ أي: ممن كان

قبلنا، ففي حديث أبي سعيد الخدريّ: "أن رجلًا كان قبلكم رزقه الله مالًا"، وفي

رواية له: "ذكر رجلًا فيمن سلف، أو فيمن كان قبلكم"، وصرح في حديث

حذيفة، وأبي مسعود عند الطبرانيّ أنَّه كان من بني إسرائيل، ولذلك أورد البخاريّ

حديث أبي سعيد، وحذيفة، وأبي هريرة في ذِكر بني إسرائيل، قيل: اسم هذا

الرجل جهينة، فقد أخرج أبو عوانة في "صحيحه" من حديث حذيفة، عن أبي بكر

الصديق أن الرجل المذكور في حديث الباب هو آخر أهل النار خروجًا منها،

وآخر أهل الجنة دخولًا الجنة، وقد وقع في "غرائب مالك" للدارقطني من طريق

عبد الملك بن الحكم، وهو واهٍ، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، رفعه: "إن

آخر من يدخل الجنة رجل من جهينة، يقال له: جهينة، فيقول أهل الجنة: عند

جهينة الخبر اليقين"، وحكى السهيلي أنَّه جاء أن اسمه هنّاد، قاله في "الفتح" (?).

وقوله: (لَمْ يَعْمَلْ) صفة "رجلٌ" (حَسَنَةً قَطُّ) ولفظ البخاريّ: "خيرًا قط"؛

أي: عملًا صالحًا بعد الإِسلام، قال الباجيّ: ظاهر أن العمل ما يتعلق

بالجوارح، وهو العمل، وإن جاز أن يُطلق على الاعتقاد على سبيل المجاز

والاتساع، فقوله - صلى الله عليه وسلم - عن هذا الرجل: إنه لم يعمل شيئًا من الحسنات التي

تعمل بالجوارح، وليس فيه إخبار عن اعتقاد الكفر، وإنما يُحمل هذا الحديث

على أنَّه اعتقد الإيمان، ولكنه لم يأت من شرائعه بشيء، فلما حضره الموت

خاف تفريطه، فأمر أهله أن يحرقوه. انتهى.

قال المباركفوريّ: وقع في رواية أحمد 2/ 304: "كان رجل ممن كان

قبلكم، لم يعمل خيرًا قط إلا التوحيد"، وهكذا وقع استثناء التوحيد في حديث

ابن مسعود أيضًا عن أحمد 1/ 398، ورواية الباب وإن لم يذكر فيها هذا

الاستثناء صريحًا لكنها كالصريح في ذِكره؛ لإطباق الروايات على ذِكر خشيته،

وخوفه من عذابه، وغفرانه تعالى. انتهى (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015