صفات الجمال تارةً، وبملاحظة نعوت الجلال أخري، كذا في "المرقاة" (?).

وقال في "اللمعات": سياق الحديث لبيان صفتي اللطف والرحمة

والغضب، وعدم بلوغ أحد إلى كنههما، فلو عَلِم المؤمنون الذين هم مظاهر

رحمة الله ما عند الله من القهر ما طمع أحد منهم الجَنَّة، وكذا في الكافرين،

وهذا مقصود آخر لا ينافي سَبْق رحمته على غضبه بالمعنى الذي سبق.

انتهى (?).

وقد ذكر البخاريّ هذا الحديث مع حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الماضي:

"جعل الرحمة مائة جزء ... " الحديث، ولفظه: من طريق سعيد بن أبي سعيد

المقبريّ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "إن الله خلق

الرحمة يوم خلقها مائة رحمة، فأمسك عنده تسعًا وتسعين رحمةً، وأرسل في

خلقه كلهم رحمة واحدة، فلو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة لَمْ

ييأس من الجَنَّة، ولو يعلم المؤمن بكل الذي عند الله من العذاب لَمْ يأمن من

النار". انتهى (?).

قال في "الفتح": قوله: "فلو يعلم الكافر" كذا ثبت في هذه الطريق

بالفاء؛ إشارةً إلى ترتيب ما بعدها على ما قبلها، ومن ثَمّ قَدَّم ذِكر الكافر؛ لأنَّ

كثرتها وَسَعتها تقتضي أن يطمع فيها كلّ أحد، ثم ذكر المؤمن استطرادًا.

قال: والحكمة في التعبير بالمضارع دون الماضي الإشارة إلى أنه لَمْ يقع

له عِلم ذلك، ولا يقع؛ لأنه إذا امتنع في المستقبل كان ممتنعًا فيما مضى.

وقوله: "بكل الذي" استُشكل هذا التركيب؛ لكون "كلّ" إذا أضيفت إلى

الموصول كانت إذ ذاك لعموم الأجزاء، لا لعموم الأفراد، والغرض من سياق

الحديث تعميم الأفراد.

وأجيب بأنه وقع في بعض طرقه أن الرحمة قُسمت مائة جزء، فالتعميم

حينئذ لعموم الأجزاء في الأصل، أو نُزِّلت الأجزاء منزلة الأفراد مبالغة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015