الميم، يقال: طَمِعَ فيه، وبه، كفَرِح طَمَعًا، وطَمَاعًا، وطَمَاعيةً: حَرَصَ عليه،
قاله المجد (?)، وقال الفيّوفي: طَمِعَ في الشيء طَمَعًا، وطَمَاعَة، وطَمَاعِيَةً،
مخففًا، فهو طَمِعٌ، وطَامِعٌ، ويتعدى بالهمزة، فيقال: أَطْمَعْتُهُ، وأكثر ما
يُستعمل فيما يقرُب حصوله، وقد يُستعمل بمعنى الأمل، ومن كلامهم: طَمِعَ
فِي غَيْرِ مَطْمَع: إذا أمل ما يبعد حصوله؛ لأنه قد يقع كلّ واحد موقع الآخر؛
لتقارب المعنى. انتهى (?).
(بِجَنَّتِهِ) وللترمذيّ: "في الجَنَّة"، (أَحَدٌ)؛ أي: من المؤمنين فضلًا عن
الكافرين، ولا بُعد أن يكون "أحد" على إطلاقه من إفادة العموم؛ إذ تصوُّر
ذلك وحده يوجب اليأس من رحمته، وفيه بيان كثرة عقوبته؛ لئلا يغترّ مؤمن
بطاعته، أو اعتمادًا على رحمته، فيقع في الأمن، {فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}
[الأعراف: 99]. (وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا
قَنِطَ) من القنوط، وهو اليأس، من باب نصر، وضرب، وسمع، (مِنْ جَنَّتِهِ
أَحَدٌ")؛ أي: من الكافرين.
قال الطيبيّ: الحديث في بيان صفتي القهر والرحمة لله تعالي، فكما أن
صفات الله تعالى غير متناهية لا يبلغ كُنه معرفتها أحد، كذلك عقوبته
ورحمته، فلو فُرض أن المؤمن وقف على كُنه صفته القهارية لَظَهر منها ما
يقنط من ذلك الخواطر، فلا يطمع بجنته أحد، وهذا معنى وضع "أحد"
موضع ضمير "المؤمن"، ويجوز أن يراد بالمؤمن الجنس على سبيل
الاستغراق، فالتقدير: أحد منهم، ويجوز أن يكون المعنى على وجه آخر،
وهو أن المؤمن قد اختص بأن يطمع في الجَنَّة، فإذا انتفى الطمع منه، فقد
انتفى عن الكل، وكذلك الكافر مختص بالقنوط، فإذا انتفى القنوط عنه، فقد
انتفى عن الكل.
وورد الحديث في بيان كثرة رحمته وعقوبته؛ كيلا يغترّ مؤمن برحمته،
فيأمَن من عذابه، ولا ييأس كافر من رحمته، ويترك بابه.
وحاصل الحديث: أن العبد ينبغي أن يكون بين الرجاء والخوف بمطالعة