قال الحافظ: لكن تبقى مناسبة خصوص هذا العدد، فيَحْتَمِل أن تكون
مناسبة هذا العدد الخاصّ؛ لكونه مثل عدد درج الجَنَّة، والجنة هي محل
الرحمة، فكان كلّ رحمة بإزاء درجة، وقد ثبت أنه لا يدخل أحد الجَنَّة إلَّا
برحمة الله تعالي، فمن نالته منها رحمة واحدة كان أدنى أهل الجَنَّة منزلة،
وأعلاهم منزلة من حصلت له جميع الأنواع من الرحمة. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى بُعد هذه المناسبات التي ذكروها هنا،
فالأَولى والأوضح تفويض هذا العلم إلى عالم الغيب والشهادة، وعدم الخوض
في مثله؛ إذلم نُكلَّف بعلمه، ولم يرد نصّ نتمسّك به، ونعتمد عليه، فسلّم
تسلم، وفوّض تغنم، والله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [4/ 6947 و 6948 و 6949] (2752)،
و(البخاريّ) في "الأدب" (6000) و"الرقاق" (6469) وفي "الأدب المفرد"
(100)، و (الترمذيّ) في "الدعوات" (3541)، و (ابن ماجة) في "الزهد"
(4293)، و (ابن المبارك) في "الزهد" (1/ 367)، و (الدارميّ) في "سننه" (2/
321)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (6147 و 6148)، و (الطبرانيّ) في
"الأوسط" (1/ 297) وفي "مسند الشاميين" (4/ 166)، و (اللالكائي) في "اعتقاد
أهل السُّنَّة" (6/ 1197)، و (البيهقيّ) في "شعب الإيمان" (7/ 457)، و (البغويّ)
في "شرح السُّنَّة" (4179 و 4180) و"التفسير" (2/ 87)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): بيان سعة رحمة الله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -.
2 - (ومنها): بيان عدد أقسام الرحمة، وأنه مائة جزء، والحقّ أنه لا يَعلم
حكمة التجزئة إلى هذا العدد إلَّا من أخبر بذلك، فالسلامة الإيمان به والتسليم.