شرح الحديث:

(عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) محمد بن مسلمة الزهريّ (أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّب أَخْبَرَهُ؛

أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: "جَعَلَ اللهُ الرَّحمَةَ مِائَةَ

جُزْءٍ) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هكذا وقع في نُسخ بلادنا جميعًا: "جعل الله الرحمة

مائة جزء"، وذكر القاضي: "جعل الله الرُّحْم"، بحذف الهاء، وبضم الراء،

قال: ورويناه بضم الراء، ويجوز فتحها، ومعناه: الرحمة. انتهى (?).

وفي رواية للبخاريّ: "إن الله خلق الرحمة مائة رحمة"، قال في

"العمدة": أي: الرحمة التي جعلها في عباده وهي مخلوقة، وأما الرحمة التي

هي صفة من صفاته فهي قائمة بذاته - عَزَّوَجَلَّ -، وقوله: "مائة رحمة"؛ أي: مائة نوع

من الرحمة، أو مائة جزء، كما في الحديث الآخر. انتهى (?).

ووقع في رواية للبخاريّ: "جعل الله الرحمة في مائة جزء"، قال

الكرمانيّ (?): كان المعنى يتم بدون الظرف، فلعل "في" زائدة، أو متعلقة

بمحذوف، وفيه نوع مبالغة؛ إذ جعلها مظروفًا لها معني، بحيث لا يفوت منها

شيء.

وقال ابن أبي جمرة (?): يَحْتَمِل أن يكون: لَمّا مَنّ على خلقه بالرحمة

جعلها في مائة وعاء، فاهبط منها واحدًا للأرض.

قال الحافظ: خَلَت أكثر الطرق عن الظرف، كرواية سعيد المقبريّ، عن

أبي هريرة الآتية في "الرقاق": "إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة"،

ولمسلم من رواية عطاء، عن أبي هريرة: "إن لله مائة رحمة"، وله من حديث

سلمان: "إن الله خلق مائة رحمة يوم خلق السماوات والأرض، كلّ رحمة

طباق ما بين السماء والأرض".

وقال القرطبيّ: يجوز أن يكون معنى "خَلَق": اخترع، وأوجد، ويجوز

طور بواسطة نورين ميديا © 2015