نفسه، وقد ترجم البخاريّ - رَحِمَهُ اللهُ - على هذا في "كتاب الإيمان" من "صحيحه"،

فقال: "باب خوف المؤمن أن يحبط عمله، وهو لا يشعر"، وقال إبراهيم

التيميّ: ما عرضت قولي على عملي إلَّا خَشِيتُ أن أكون مُكَذِّبًا، وقال ابن أبي

مليكة؛ أدركت ثلاثين من أصحاب النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كلهم يخاف النفاق على نفسه، ما

منهم أحدٌ يقول: إنه على إيمان جبريل، وميكائيل، ويُذكَرُ عن الهحسن: ما

خافه إلَّا مؤمن، ولا أمِنَه إلَّا منافق، وما يُحذر من الإصرار على النفاق،

والعصيان من غير توبة؛ لقول الله تعالى: {وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135]. انتهى (?).

2 - (ومنها): بيان ما كان عليه الصحابة - رضي الله عنهم - من شدّة الخوف من

النفاق، مع قوّة إيمانهم، واجتهادهم في إخلاص العمل لله تعالى.

قال الحافظ ابن رجب - رَحِمَهُ اللهُ - في كتابه الممتع، جامع العلوم والحكم":

كان الصحابة - رضي الله عنهم - يخافون النفاق على أنَّفسهم، وكان عمر يسأل حذيفة عن

نفسه، وسئل أبو رجاء العُطارديّ: هل أدركت من أدركت من أصحاب

رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخشون النفاق؟ فقال: نعم إني أدركت منهم بحمد الله صدرًا

حسنًا، نَعَم شديدًا، نعم شديدًا، وقال البخاريّ في "صحيحه": وقال ابن أبي

مليكة: أدركت ثلاثين من أصحاب النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كلهم يخاف النفاق على نفسه،

ويُذكر عن الحسن لْال: ما خافه إلَّا مؤمن، ولا أمِنه إلَّا منافق. انتهى.

وروى الحسن: أنه حلف ما مضى مؤمن قط، ولا بقي إلَّا وهو من

النفاق غير آمن، وما مضى منافق قط، ولا بقي إلَّا وهو من النفاق آمن، وكان

يقول: من لَمْ يَخَفْ النفاق فهو منافق، وسمع رجل أبا الدرداء يمعوذ من النفاق

في صلاته، فلما سلم قال له: ما شأنك وشان النفاق؟ فقال: اللَّهُمَّ اغفر لي

ثلاثًا، لا تأمن البلاء، والله إن الرجل ليُفتَن في ساعة واحدة، فينقلب عن دينه.

والآثار عن السلف في هذا كثيرة جدًّا، قال سفيان الثوريّ: خلاف ما

بيننا وبين المرجئة ثلاث، فذكر منها، قال: نحن نقول: نفاق، وهم يقولون:

لا نفاق، وقال الأوزاعيّ: قد خاف عمر النفاق على نفسه، قيل لهم: إنهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015