قال الله تعالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10]، ولاستلزام هذه الصفة
الإلهية وجود المعصية في الأفراد البشرية، والمعنى: لو كنتم معصومين
كالملائكة لذهب بكم، وجاء بمن يأتي منهم الذنوب؛ لئلا تتعطل صفات
الغفران والعفو، فلا تجرئة فيه على الانهماك في الذنوب.
وقال بعضهم: فيه جَعْلُ العُجْب أكبر من الذنوب؛ إذ لو لم يُذنب العبد
لاستكثر فِعله، واستحسن عَمَله، فلحظ أفعاله المدخولة، وطاعاته التي هي
بالمعاصي أشبه، وإلى النقص أقرب، فيرجع من كنف الله وحِفظه إلى استحسان
فعله، فيعجب بنفسه، فيهلك (?).
[تنبيه]: ذُكر سبب لهذا الحديث، فقد أخرج ابن عساكر عن أنس - رضي الله عنه -؛
أن أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - شَكَوا إليه أنّا نُصيب من الذنوب، فقال لهم: "لولا أنكم
تُذنبون لجاء الله بقوم يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم".
وأخرج البيهقيّ في "شعب الإيمان" عن عبد الله بن عمرو قال: أنزلت
{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (?)} [الزلزلة: 1]، وأبو بكر قاعد، فبكى أبو بكر،
فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما يبكيك يا أبا بكر؟ " قال: أبكاني هذه السورة،
فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو أنكم لا تخطئون، ولا تذنبون، فيغفر لكم،
لَخَلَق الله أمة من بعدكم يخطئون، ويذنبون، فيغفر لهم" (?)، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي أيوب الأنصاريّ - رضي الله عنه - هذا من أفراد
المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [2/ 6938 و 6939] (2748)، و (الترمذيّ) في
"الدعوات" (533 3)، و (أحمد) في "مسنده" (5/ 414)، و (عبد بن حميد) في
"مسنده" (230)، و (الطبرانيّ) في "الكبير" (4/ 156)، و (البيهقيّ) في "شعب