(عَنْ أَبِي صِرْمَةَ) بكسر الصاد المهملة، وسكون الراء تقدّم الخلاف في

اسمه. (عَنْ أَبِي أَيُّوبَ) خالد بن زيد الأنصاريّ - رضي الله عنه -، (أَنَّهُ قَالَ حِينَ حَضَرَتْهُ

الْوَفَاةُ)؛ أي: الموت، (كُنْتُ كَتَمْتُ عَنْكُمْ شَيْئًا) قال النوويّ رحمه الله: إنما كتمه

أوّلًا مخافة اتّكالهم على سعة رحمة الله تعالى، وانهماكهم في المعاصي، وإنما

حدّث به عند وفاته؛ لئلا يكون كاتمًا للعلم، وربما لم يكن أحد يحفظه غيره،

فتعيَّن عليه أداؤه، وهو نحو قوله في الحديث الآخر: "فأخبر بها معاذ عند موته

تأثمًا"؛ أي: خشية الإثم بكتمان العلم، وقد سبق شرحه في "كتاب الإيمان"،

والله أعلم. انتهى (?).

وقوله: (سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) جملة في محلّ نصب صفة لـ "شيئًا"،

وقوله: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) جملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا، وهو ما وقع جوابًا

عن سؤال مقدّر، فكأنهم قالوا له: ما هو الشيء الذي سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،

فأجابهم بقوله: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، حال كونه (يَقُولُ: "لَوْلَا) حرف

امتناع لوجود، فيها معنى الشرط، وقوله: (أَنَّكُمْ)؛ أي: أيها المكلفون، أو

أيها المؤمنون، (تُذْنِبُونَ) بفتح همزة "أَنّ"؛ لوقوعها مصدريّة، والمصدر المؤوّل

مبتدأ، وخبره محذوف وجوبًا؛ لسدّ جواب "لولا" مسدّه، تقديره: موجود، قال

في "الخلاصة":

وَبَعْدَ "لَولَا" غَالِبًا حَذْفُ الْخَبَرْ ... حَتْمٌ وَفِي نَصِّ يَمِينٍ ذَا اسْتَقَرّ

وجواب "لولا" قوله: (لَخَلَقَ اللهُ خَلْقًا يُذْنِبُونَ)؛ أي: فيستغفرونه، لِمَا

يأتي في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -. (وَلَجَاءَ بقَوْمٍ) الباء للتعدية؛ أي: لأذهبكم

وأفناكم، وأظهر قومًا آخرين من جنسكم، أَو مًن غيركم (يُذْنِبُونَ)؛ أي: يمكن

وقوع الذنب منهم، ويقع بالفعل عن بعضهم، (فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ)؛ أي: فيتوبون،

أو يطلبون المغفرة مطلقًا.

والمعنى: لولا إذنابكم، فوجود استغفاركم، لخلق الله تعالى خلقًا

يُذنبون، فيستغفرون لذنوبهم، فيغفر لهم.

فـ (يَغْفِرُ لَهُمْ") ذنوبهم؛ لاقتضاء صيغة الغفّار، والغفور ذلك، ولذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015