خلاف ما جُبلت عليه من الرحمة والشفقة، وتأمل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَلَّه أرحم بعباده

من الوالدة بولدها"، وأين تقع رحمة الوالدة من رحمة الله التي وسعت كل

شيء؟ فإذا أغضبه العبد بمعصيته فقد استدعى منه صرف تلك الرحمة عنه، فإذا

تاب إليه فقد استدعى منه ما هو أهله وأَولى به.

فهذه نبذة يسيرة تُطلعك على سر فرح الله بتوبة عبده أعظم من فرح هذا

الواجد لراحلته في الأرض المهلكة بعد اليأس منها، ووراء هذا ما تجفو عنه

العبارة، وتَدِقّ (?) عن إدراكه الأذهان، وإياك وطريقة التعطيل والتمثيل، فإن كلًّا

منهما منزل ذميم، ومرتع على عِلّاته وخيم، ولا يحلّ لأحدهما أن يجد روائح

هذا الأمر ونفسه؛ لأن زكام التعطيل والتمثيل مفسد لحاسة الشم كما هو مفسد

لحاسة الذوق، فلا يذوق طعم الإيمان ولا يجد ريحه، والمحروم كل المحروم

من عُرض عليه الغنى والخير فلم يقبله، فلا مانع لِمَا أعطى الله ولا معطي لِمَا

منع، والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. هذا ملخّص ما

أردت نقله من كلام الإمام ابن قيّم الجوزيّة رحمه الله وإن أردت الزيادة في تحقيقاته

في هذا الباب، فراجع كتابه الممتع: "مدارج السالكين في شرح منازل

السائرين"، تُشْفَ، وتُكْفَ (?)، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

(?) - (بَابٌ في الْحَضِّ عَلَى التَّوْبَةِ، وَالْفَرَحِ بِهَا)

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوَّل الكتاب قال:

[6927] (2675) (?) - (حَدَّثَنِي سُويدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ،

حَدَّثَنِي زيدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ أنَّهُ

قَالَ: "قَالَ اللهُ عز وجل: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي، وَاللهِ لَلَّهُ

أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ يَجِدُ ضَالَّتَهُ بِالْفَلَاةِ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَئَ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015