الأنفع لهم، فينبغي أن يكون عمل الثالث أكثر فضلًا من عمل الأخيرين،

ويظهر ذلك من الأعمال الثلاثة، فصاحب الأبوين فضيلته مقصورة على نفسه؛

لأنه أفاد أنه كان بارًّا بأبويه، وصاحب الأجير نفعه متعدّ، وأفاد بأنه كان عظيم

الأمانة، وصاحب المرأة أفضلهم؛ لأنه أفاد أنه كان في قلبه خشية ربه، وقد

شهد الله لمن كان كذلك بأن له الجَنَّة، حيث قال: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)} [النازعات: 40، 41]، وقد أضاف

هذا الرجل إلى ذلك ترك الذهب الذي أعطاه للمرأة، فاضاف إلى النفع القاصر

النفع المتعدي، ولا سيما، وقد قال: إنها كانت بنت عمه، فتكون فيه صلة

رحم أيضًا، وقد تقدم أن ذلك كان في سنة قحط، فتكون الحاجة إلى ذلك

أحري، فيترجح على هذا رواية عبيد الله، عن نافع، وقد جاءت قصة المرأة

أيضًا أخيرة في حديث أنس، والله تعالى أعلم. انتهى ما في "الفتح"، وهو

بحث نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [2/ 6924 و 6925 و 6926] (2743)،

و(البخاريّ) في "الحرث و"الإجارة" (2272) و"المزارعة" (2333) و"أحاديث

الأنبياء" (3465) و"الأدب" (5974)، و (أحمد) في "مسنده" (2/ 116)،

و(البزّار) في "مسنده" (3178 و 3179 و 3180)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"

(897)، و (الطبرانيّ) في "الدعاء" (197 و 198)، و (أبو عوانة) في "مسنده"

(3/ 421)، و (البيهقيُّ) في "شعب الإيمان" (5/ 412)، و (البغويّ) في "شرح

السُّنَّة" (3420)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

1 - (منها): بيان فضل الإخلاص في العمل، وفضل برّ الوالدين، وفضل

خدمتهما، وإيثارهما عمن سواهما من الأولاد والزوجة، وغيرهم، وتحمّل

المشقة لأجلهما.

وقد استُشكل تَرْكه أولاده الصغار يبكون من الجوع طول ليلتهما، مع

قدرته على تسكين جوعهم، فقيل: كان في شرعهم تقديم نفقة الأصل على

غيرهم، وقيل: يَحْتَمِل أن بكاءهم ليس عن الجوع، وقد تقدم ما يردّه، وقيل:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015