أعطيتني؟ فقلت: يا عبد الله لَمْ أبخسك شيئًا من شرطك، وإنما هو مالي أحكم
فيه بما شئت، قال: فغضب، وذهب، وترك أجره".
وأما ما وقع في حديث أنس: "فأتاني يطلب أجره، وأنا غضبان، فزبرته،
فانطلق، وترك أجره"، فلا ينافي ذلك، وطريق الجمع أن الأجير لمّا حَسَد
الذي عمل نصف النهار، وعاتب المستأجِر غضب منه، وقال له: لَمْ أبخسك
شيئًا ... إلخ، وزبره، فغضب الأجير، وذهب.
ووقع في حديث عليّ: "وترك واحد منهم أجره، وزعم أن أجره أكثر (?)
من أجور أصحابه". انتهى.
(فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ)؛ أي: أزرع ذلك الأرز، (حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ)؛ أي: من
ذلك الأرز، أو من زَرْعه، (بَقَرًا وَرِعَاءَهَا)؛ أي: جمعت قيمتهما، فاشتريتهما.
و"الرعاء" بكسر الراء، والمدّ: جَمْع راع، قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: رَعَتِ
الماشيةُ تَرْعَى رَعْيًا، فهي رَاعِيَةٌ: إذا سَرَحت بنفسها، ورَعَيْتُهَا أَرْعَاهَا، يُستعمل
لازمًا ومتعديًا، والفاعل رَاع، والجمع رُعَاةٌ بالضم، مثل قَاضٍ وقُضَاة، وقيل
أيضًا: رِعَاءٌ بالكسر والمدّ، ورُعْيَانٌ، مثل رُغْفَان. انتهى (?).
وفي رواية للبخاريّ: "وإني عمدت إلى ذلك الفرق، فزرعته، فصار من
أمره أن اشتريت منه بقرًا، وأنه أتاني يطلب أجره، فقلت له: اعمِد إلى تلك
البقر، فسُقْها"، قال في "الفتح": وفي رواية سالم: "فثمّرت أجره حتى كثرت
منه الأموال - وفيه - فقلت له: كلّ ما ترى من الإبل والبقر والغنم والرقيق من
أجرك"، قال الحافظ: ودلت هذه الرواية على أنَّ قوله في رواية نافع:
"اشتريت بقرأ" أنه لَمْ يُرِد أنه لَمْ يَشْتر غيرها، وإنما كان الأكثر الأغلب البقر،
فلذلك اقتصر عليها.
وفي حديث أنس، وأبي هريرة جميعًا: "فجمعته، وثَمّرته، حتى كان منه
كلّ المال - وقال فيه -: فأعطيته ذلك كله، ولو شئت لَمْ أعطه إلَّا الأجر الأول".
ووقع في حديث عبد الله بن أبي أوفى: "أنه دفع إليه عشرة آلاف درهم"،
وهو محمول على أنَّها كانت قيمة الأشياء المذكورة.