وقال الحافظ: وقع في كلام الأول: "اللَّهُمَّ إنه"، والثاني: "اللَّهُمَّ إنها"،

والثالث: "اللَّهُمَّ إني"، وهو من التفنن، و"إنه" في الأول ضمير الشأن، وفي

الثاني للقصة، ناسب ذلك أن القصة في امرأة. انتهى.

قال القاريّ: فهذا الكلام يدلّ على أنَّ رواية البخاريّ وقعت "إنها" في

كلام الثاني، خلاف "المشكاة" ذكره ميرك، والظاهر أن عبارة "المشكاة"

مأخوذة من مسلم لفظًا، ويكون قوله: متَّفقٌ عليه معنًى. انتهى (?).

(كَانَتْ لِيَ ابْنَةُ عَمٍّ، أَحْبَبْتُهَا) وفي رواية البخاريّ: "من أحبّ الناس

إليّ". قال في "الفتح": هو مقيد لإطلاق رواية سالم حيث قال فيها: "كانت

أحب الناس إليّ". انتهى. (كَأَشَدِّ) الكاف زائدة، أو أراد تشبيه محبته بأشدّ

المحبات، (مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ) قال القاري: أي: حبًّا شديدًا، نحو قوله

تعالى: {يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165]، وقال

الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: يجوز أن يكون صفة مصدر محذوف، و "ما" مصدرية؛ أي: أُحبّها

حبًّا مثل أشدّ حب الرجال النساء، أو حالا؛ أي: أحبها مشابهًا حبي أشدّ

حب الرجال النساء، ونظيره قوله تعالى: {يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً}

[النساء: 77]، فإن قوله تعالى: {أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} حال على تقدير:

مشبّهين أشد خشية من أهل خشية الله. انتهى (?).

(وَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا) فيه تضمين معنى الإرسال؛ أي: أرسلت إليها طالبًا

نفسها، قاله القاري. (فَأَبَتْ) وفي رواية موسى بن عقبة: "فقالت: لا ينال ذلك

منها حتى". (حَتَّى آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ، ) بنصب "آتي"؛ لكونه مستقبلًا، قال

القاري: وفي نسخة بالسكون على حكاية الحال الماضية؛ أي: أجيئها.

قال الجامع عفا الله عنه: أشار القاري - رَحِمَهُ اللهُ - إلى قاعدة أن ما بعد "حتى"

إذا كان مستقبلًا يُنصب، وإن كان حالًا، أو مؤوّلًا به يُرفع، وإلى هذه القاعدة

أشار ابن مالك في "الخلاصة" حيث قال:

وَتلْوَ "حَتَّى" حَالًا اوْ مُؤَوَّلَا ... بِهِ ارْفَعَنَّ وَانْصِبِ الْمُسْتَقْبَلَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015