أوقظهما من نومهما، فيشقّ ذلك عليهما"، وأما كراهته أن يدَعَهما فقد فسره
بقوله: "فيستكنا لشربتهما"؛ أي: يضعفا؛ لأنه عشاؤهما، وتَرْك العشاء يُهْرِم.
وقوله: "يستكنا" من الاستكانة، وقوله: "لِشُربتهما"؛ أي: لعدم شربتهما،
فيصيران ضعيفين، مسكينين، والمسكين الذي لا شيء له. انتهى (?).
(فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ) قال في "الفتح": فيه إشكال؛ لأنَّ المؤمن يَعلم قطعًا
أن الله يعلم ذلك.
وأجيب بأنه تردد في عمله ذلك، هل له اعتبار عند الله أم لا؟ وكأنه
قال: إن كان عملي ذلك مقبولًا، فأجب دعائي، وبهذا التقرير يظهر أن قوله:
"اللَّهُمَّ" على بابها في النداء، وقد تَرِد بمعنى تحقق الجواب، كمن يسأل آخر
عن شيء، كأن يقول: رأيت زيدًا، فيقول: اللَّهُمَّ نعم، وقد تَرِد أيضًا لندرة
المستثني، كأن يقول شيئًا، ثم يستثني منه، فيقول: اللَّهُمَّ إلَّا إن كان كذا.
انتهى (?).
(أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ)؛ أي: طلبًا لمرضاتك، وانتصاب "ابتغاءَ"
على أنَّه مفعول له؛ أي: لأجل ابتغاء وجهك. وفي رواية للبخاريّ: "أني
فعلت ذلك من خشيتك"، ووقع في حديث عليّ عند الطبرانيّ: "من مخافتك،
وابتغاء مرضاتك"، وفي حديث النعمان: "رجاء رحمتك، ومخافة عذابك"،
(فَافْرُجْ) بوصل الهمزة، وضم الراء، من فرج يفرُج الثلاثيّ، وضبطه بعضهم
بهمزة قطع، وكسر الراء، من أفرج الرباعي. (لَنَا مِنْهَا فرْجَةً) بضمّ الفاء،
وفَتْحها، وقال في "العمدة": قوله: "فرجة" بضم الفاء، من فرجة الحائط، وهو
المراد هنا، وأما الفَرْجة بالفتح، فهي عن الكرب والهم. انتهى (?).
وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: الفرجة بضم الفاء؛ لأنَّه من السعة، فإذا كان بمعنى
الراحة قلت فيه: فَرْجة، وفَرَجٌ، وفِعل كلّ واحد منهما فَرَج بالفتح،
والتخفيف، يَفْرُج بالضم لا غير. انتهى (?).
وقال في "العمدة": قوله: "فافرج لنا" أمْر من فَرَج يَفرُج، من باب نصر