فذكره فإذا خلت الجنة عن العُزَّاب، وكان لكل واحد زوجتان كان النساء مثلي
الرجال".
ويعارضه الحديث الآخر: "إني رأيتكن أكثر أهل النار". وفي الحديث
الآخر: "اطلعت في النار، فرأيت أكثر أهلها النساء"، وكلاهما في "الصحيح".
والجمع بينهما أنهن أكثر أهل الجنة، وأكثر أهل النار؟ لكثرتهنّ، قال
القاضي عياض: يخرج من مجموع هذا أن النساء أكثر ولد آدم، قال: وهذا
كله في الآدميات، وإلا فقد جاء أن للواحد من أهل الجنة من الحور العدد
الكثير، ففي حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-: "إن أدنى أهل الجنة الذي له اثنتان
وسبعون زوجة".
[فإن قلت]: كيف اقتصر في هذا الحديث على ذكر زوجتين؟ .
[قلت]: الزوجتان من نساء الدنيا، والزيادة على ذلك من الحور العين.
وقال أبو العباس القرطبيّ: بهذا يُعلم أن نوع النساء المشتمل على الحور
والآدميات في الجنة أكثر من نوع الرجال من بني آدم، ورجال بني آدم أكثر من
نسائهم، وعن هذا قال -صلى الله عليه وسلم-: "أقل ساكني الجنة النساء، وأكثر ساكني جهنم
النساء"؛ يعني: نساء بني آدم هن أقل في الجنة، وأكثر في النار.
قلت: وإذا قلنا بالأول إن لكل واحد منهم زوجتين من نساء الدنيا
فُيشكل على ذلك قوله: "أقل ساكني الجنة النساء"، ولعل راويه رواه بالمعنى
في فهمه، فأخطأ فهمه من كونهن أكثر ساكني جهنم أنهن أقل ساكني الجنة.
وقد تقدم أن ذلك لا يلزم، وأنهن أكثر ساكني الجهتين معًا لكثرتهنّ،
والله أعلم. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: دعواه خطأ الراوي في فهمه غير مقبول، بل
المعنى عليه صحيح؛ إذ هو محمول على أول الأمر، فإنهن أكثر دخولًا النار،
ثم يخرجن بالشفاعة، فيدخلن الجنة، فيكنّ أكثر من الرجال، حتى يكون لكل
رجل زوجتان من نساء الدنيا، غير الحور العين، فإنهن أكثر، فتبصّر، والله
تعالى أعلم.