قال: فجعلت تنزع به عمامته، وقالت: جئت من عند امرأتك؟ ".
(فَقَالَ) مطرّف: (جِئْتُ مِنْ عِنْدِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ) -رضي الله عنهما-، والظاهر أنه جاء
من عند عمران، فمرّ بامرأته الأخرى، أو بالعكس، ثم جاء إلى الثانية،
فواجهته بهذا السؤال.
وقال صاحب "التكملة" ما حاصله: وكأن مطرّفًا لقي عمران قبل أن يأتي
إلى امرأته الأولى، أو بعد أن يخرج من عندها، وإنما ذكر ذلك تنبيهًا لامرأته
الثانية أن لا تُسيء الظنّ به، وبامرأته الأولى، ولا تقع فيهما؛ لأن ذلك قد
يُسبّب عذاب النار. انتهى (?).
(فَحَدَّثَنَا) عمران -رضي الله عنه-؛ (أَن رَسُولَ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- قَالَ: "إِنَّ أقَلَّ سَاكِنِي الْجَنَّةِ
النِّسَاءُ")؛ أي: في أول الأمر قبل خروج عُصاتهن من النار، فلا دلالة فيه على
أن نساء الدنيا أقل من الرجال في الجنة.
وقال بعضهم: القلة يجوز كونها باعتبار ذواتهن إذا أُريدَ ساكني الجنة
المتقدمين في دخولها، وكونها باعتبار سُكناهن بأن يُحبسن في النار كثيرًا،
فيكون سُكناهن في الجنة قليلًا بالنسبة لمن دخل قبلهن، وإنما قلنا ذلك لأن
السكنى في الجنة غير متناهية، فلا توصف بقلة، ولا كثرة، قاله
المناويّ -رحمه الله- (?).
وقال في "العمدة": قال المهلّب: إنما تستحق النساء النار؛ لكفرهن
العشير، وقال القرطبيّ -رحمه الله-: إنما كان النساء أقل ساكني الجنة؛ لِمَا يغلب عليهنّ
الهوى، والميل إلى عاجل زينة الحياة الدنيا، ولنقصان عقولهنّ، فيضعفن عن
عمل الآخرة، والتأهب لها لميلهنّ إلى الدنيا، والتزين بها، وأكثرهنّ معرضات
عن الآخرة، سريعات الانخداع لراغبيهنّ من المعرضين عن الدين، عسيرات
الاستجابة لمن يدعوهنّ إلى الآخرة، وأعمالها، وأما الفقراء فلما كانوا فاقدي
المال الذي يُتوسل به إلى المعاصي، فازوا بالسبق.
[فإن قلت]: ليس في الجنة أعزب، ولكل رجل زوجتان، فكيف يكون
وصفهن بالقلة في الجنة، وبالكثرة في النار؟ .