أي: في غَيبة المدعوّ له عنه، وإن كان حاضرًا معه، بأن دعا له بقلبه حينئذ،
أو بلسانه، ولم يُسمعه. (إِلا قَالَ الْمَلَكُ) وفي الرواية التالية: "قال الملك
الموكل به: آمين، ولك بمثل"، وفي الرواية الثالثة: "دعوة المرء المسلم لأخيه
بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملَك مُوَكَّل، كما دعا لأخيه بخير، قال
الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل"، وفي رواية أبي داود: "إذا دعا الرجل
لأخيه بظهر الغيب، قالت الملائكة: آمين، ولك بمثل". (وَلَكَ) فيه التفات،
(بِمِثْلٍ") بكسر الميم، وسكون المثلثة، وتنوين اللام؛ أي: أعطى الله لك بمثل
ما سألت لأخيك، قال الطيبيّ -رَحِمَهُ الله-: الباء زائدة في المبتدأ، كما في: بحسبك
درهم، وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه يدعو لأخيه المسلم بتلك
الدعوة؛ ليدعو له الملك بمثلها، فيكون أعون للاستجابة، ذكره في "العون" (?).
وقال المناويّ -رَحِمَهُ الله-: "ولك بمثل" بكسر الميم، وسكون المثلثة، على
الأشهر، قال القاضي عياض: ورويناه بفتحها أيضًا، يقال: هو مثله، ومَثِيله
بزيادة الياء؛ أي: عديله سواءً. انتهى.
وقال في "المشارق": قوله: "ولك بمثل" كذا رويناه بكسر الميم، وسكون
الثاء، وبمَثَل أيضًا بفتحهما، يقال: مِثْلٌ، ومَثَلٌ، ومَثِيل، مثلُ شِبْهٍ، وشَبَهٍ،
وشَبِيه؛ أَي: لك من الأجر لدعائك مثل ما دعوت له فيه، ورغبته. انتهى (?).
قال المناويّ: وتنوينه عوضٌ من المضاف إليه؛ يعني: بمثل ما دعوته،
وهذا بالحقيقة دعاء من الملَك بمثل ما دعاه لأخيه، وما قيل: إن معناه: ولك
بمثل ما دعوته؛ أي: بثوابه فركيك. انتهى.
وقال في موضع آخر: "ولك أيها الداعي بمثل ذلك"؛ أي: مثل ما دعوت
به لأخيك، وهذا يَحْتَمِل كونه إخبارًا من الملَك بأن الله -عَزَّ وَجَلَّ- يجعل له مثل ثواب
ما دعا به؛ لكونه عَلِم ذلك بالاطلاع على اللوح المحفوظ، أو غير ذلك من
طُرُق العلم، وَيحْتَمِل أنه دعا له به، والأول أقرب. انتهى (?)، والله تعالى أعلم.