(المسألة الثالثة): في فوائده:

1 - (منها): بيان استحباب هذا الذكر عند الكرب.

2 - (ومنها): ما قاله في "العمدة": اشتَمَل هذا الذكر على التوحيد الذي

هو أصل التنزيهات المسمَّاة بالأوصاف الجلالية، وعلى العظمة التي تدلّ على

القدرة العظيمة؛ إذ العاجز لا يكون عظيماً، وعلى الحِلم الذي يدلّ على

العلم؛ إذ الجاهل بالشيء لا يُتصور منه الحلم، وهما أصل الصفات الوجودية

الحقيقية المسماة بالأوصاف الإكرامية، ووجه تخصيص الذكر بالحليم؛ لأن

كرب المؤمن غالبًا إنما هو على نوع تقصير في الطاعات، أو غفلة في

الحالات، وهذا يُشعر برجاء العفو المقلِّل للحزن. انتهى (?).

3 - (ومنها): ما قاله الطبريّ -رَحِمَهُ الله-: معنى قول ابن عباس- يعني: في

الرواية التالية-: "يدعو بهنّ"، وإنما هو تهليل وتعظيم، يَحْتَمِل أمرين:

أحدهما: أن المراد: تقديم ذلك قبيل الدعاء، كما ورد من طريق

يوسف بن عبد الله بن الحارث المذكورة، وفي آخره: "ثم يدعو"، وكذا هو

عند أبي عوانة في "مستخرجه" من هذا الوجه، وعند عبد بن حميد من هذا

الوجه: "كان إذا حزبه أمر قال"، فذكر الذكر المأثور، وزاد: "ثم دعا"، وفي

"الأدب المفرد" من طريق عبد الله بن الحارث: "سمعت ابن عباس" فذكره،

وزاد في آخره: "اللَّهُمَّ اصرف عني شرّه".

قال الطبريّ: ويؤيد هذا ما رَوى الأعمش، عن إبراهيم: قال: كان

يقال: إذا بدأ الرجل بالثناء قبل الدعاء استجيب، وإذا بدأ بالدعاء قبل الثّناء،

كان على الرجاء.

ثانيهما: ما أجاب به ابن عيينة فيما حدّثنا حسين بن حسن المروزيّ،

قال: سألت ابن عيينة عن الحديث الذي فيه: "أكثر ما كان يدعو به النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -

بعرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له ... " الحديث، فقال سفيان: هو ذِكر،

وليس فيه دعاء، ولكن قال النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ربه -عز وجل-: "من شَغَله ذِكري عن

مسألتي أعطيته أفضل ما أُعطي السائلين" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015