4 - (ومنها): أنه قد اختُلف في معنى الخيرية في الخبر، فقال عياض:

ظاهره أنه أراد أن يُعَلِّمهما أن عمل الآخرة أفضل من أمور الدنيا على كل

حال، وإنما اقتصر على ذلك لَمّا لم يمكنه إعطاء الخادم، ثم علّمهما إذ فاتهما

ما طلباه ذكرًا يُحَصِّل لهما أجرًا أفضل مما سألاه.

وقال القرطبيّ: إنما أحالهما على الذكر؛ ليكون عوضًا عن الدعاء عند

الحاجة، أو لكونه أحب لابنته ما أحب لنفسه من إيثار الفقر، وتَحَمّل شدته

بالصبر عليه؛ تعظيماً لأجرها.

وقال المهَلب: عَلّم - صلى الله عليه وسلم - ابنته من الذكر ما هو أكثر نفعاً لها في الآخرة،

وآثر أهل الصفّة؛ لأنهم كانوا وقفوا أنفسهم لسماع العلم، وضبط السُّنَة على

شِبَع بطونهم، لا يرغبون في كسب مال، ولا في عيال، ولكنهم اشتروا أنفسهم

من الله بالقوت. انتهى.

5 - (ومنها): أنه يؤخذ منه تقديم طلبة العلم على غيرهم في الخُمس.

6 - (ومنها): بيان ما كان عليه السلف الصالح من شَظف العيش، وقلة

الشيء، وشدّة الحال، وأن الله تعالى حماهم من الدنيا مع إمكان ذلك صيانةَ

لهم من تبعاتها، وتلك سُنَّة أكثر الأنبياء، والأولياء.

7 - (ومنها): بيان مشروعية خدمة المرأة بيت زوجها، والقيام بالطبخ،

والخبز، والغسل ونحو ذلك، وهو على الوجوب على القول الراجح، وقد

قدمنا البحث في هذا مستوفَى في غير هذا المحلّ، ولله الحمد والمنّة.

8 - (ومنها): ما قاله إسماعيل القاضي -رحمه الله-: في هذا الحديث أن للإمام

أن يقسم الخمس حيث رأى؛ لأن السبي لا يكون إلا من الخمس، وأما

الأربعة الأخماس فهو حقّ الغانمين. انتهى. وهو قول مالك، وجماعة، وذهب

الشافعيّ، وجماعة إلى أن لآل البيت سهمًا من الخمس.

قال الحافظ: ثم وجدت في "تهذيب الطبريّ" من وجه آخر ما لعله يعكر

على ذلك، فساق من طريق أبي أمامه الباهليّ، عن عليّ - رضي الله عنه - قال: أُهدي

لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رقيق، أهداهم له بعض ملوك الأعاجم، فقلت لفاطمة: ائت

أباك، فاستخدميه، فلو صحّ هذا لأزال الإشكال من أصله؛ لأنه حينئذ لا يكون

للغانمين فيه شيء، وإنما هو من مال المصالح، يصرفه الإمام حيث يراه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015