على أصله، فقال: مَا زَيلَ زيد يفعل كذا، قالدالفيّوميّ رحمه الله (?).
و"زال يزال" من الأفعال الأربعة التي تنسخ المبتدأ والخبر بشرط تقدّم
نفي، أو شِبهه، كما قال في "الخلاصة":
كَكَانَ ظَلَّ بَاتَ أَضْحَى أَصْبَحَا ... أَمْسَى وَصَارَ لَيْسَ زَالَ بَرِحَا
فَتِئ وَانْفَكَّ وَهَذِي الأَرْبَعَهْ ... لِشِبْهِ نَفْيٍ أَوْ لِنَفْىٍ مُتْبَعَهْ
وضمير المؤنَّثة هنا اسمها، وخبرها قوله: (عَلَى لْحَالِ) هو مما يجوز
تذكيره، وتأنيثه، ولذا قال: (الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟ ")؛ أي: من الجلوس على
ذِكر الله تعالى، وفي رواية أبي داود: "لم تزالي في مصلاك هذا؟ "، وفي
"الأدب المفرد": "ما زِلت في مجلسك؟ ". (قَالَتْ) جُويرية: (نَعَمْ)؛ أي: ما
زلت، قال الفيّوميّ رحمه الله: قولهم في الجواب: نَعَمْ معناها: التَّصْدِيقُ، إن
وقعت بعد الماضي، نحو: هلِ قام زيد؟ والوَعْدُ، إن وقعت بعد المستقبل،
نحو: هل تقوم؟ قال سيبويه: نعَمْ عِدَةٌ، وتصديقٌ، قال ابن بابشاذ: يريد أنها
عِدَةٌ في الاستفهام، وتصديق للإخبار، ولا يريد اجتماع الأمرين فيها في كلّ
حال، قال النِّيليُّ: وهي تُبقي الكلام على ما هو عليه، من إيجاب، أو نفي؛
لأنها وُضعت لتصديق ما تقدَّم، من غير أن ترفع النَّفي، وتُبطله، فإذا قال
القائل: ما جاء زيد، ولم يكن قد جاء، وقلت في جوابه: نَعَمْ، كان التقدير:
نعم ما جاء، فصدقت الكلام على نفيه، ولم تبطل النفيَ، كما تبطله بَلَى، وإن
كان قد جاء، قلت في الجواب: بَلَى، والمعنى: قد جاء، فَنَعَمْ تُبقي النفي
على حاله، ولا تُبطله، وفي التنزيل: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172]،
ولو قالوا: نَعَمْ كان كفرًا؛ إذ معناه: نعم، لست بربنا؛ لأنها لا تزيل النفي،
بخلاف بَلَى، فإنها للإيجاب بعد النفي. انتهى (?).
(قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ)؛ أي: بعد أن خرجت من عندك، أو
بعدما فارقتك (أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ) بنصب "أربع" على المصدر؛ أي: تكلمت بعد
مفارقتك أربع كلمات، وقال الطيبيّ: قوله: "أربع كلمات" يقتضي تقدير
الناصب في كلّ من المنصوبات؛ إذ الكلمات خمس، كأنه قيل: سبحان الله