قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وهذا هو الأرجح؛ لئلا ينخرم النظم، وأنه - صلى الله عليه وسلم - لَمّا
حمِد الله تعالى على تلك النعمة الخطيرة، وأمَر بإسماعها إلى كلّ من يتأتى منه
السماع؛ لفخامته، وطلب الثبات، والمزيد عليه، قاله هضماً لنفسه، وتواضعاً لله
تعالى، وليضمّ الخوف مع الرجاء؛ تعليماً للأمة. انتهى كلام الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?)،
والله تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.
[تنبيه]: قد انتقد الحافظ أبو الفضل بن عمّار - رَحِمَهُ اللهُ - إسناد هذا الحديث،
ودونك نصّه:
(31) - ووجدت فيه - أي: صحيح مسلم - عن ابن وهب، عن سليمان بن
بلال، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة؛ أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا كان في
سفر، فأسحر، يقول: "سَمِعَ سامع بحمد الله، وحسن بلائه علينا ... "، وذكر
الحديث.
قال: وهذا الحديث إنما يُعرف بعبد الله بن عامر الأسلمىّ، عن سهيل،
وعبد الله بن عامر ضعيف الحديث، فيُشْبه أن يكون سليمان سمعه من عبد الله بن
عامر، ولا أعرفه إلا من حديث ابن وهب هكذا. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: الذي يظهر لي أن مسلماً إمام ناقد، فتصحيحه
الحديث مرجّحاً هذا الإسناد مقدّم على تضعيف أبي الفضل؛ لأنه أوّلاً: لم
يذكر المخالِفين لسليمان بن بلال هنا حتى يُنظر فيهم، وثانياً: أن سليمان ثقة
ثبتٌ، فروايته راجحة، كما هو رأي مسلم - رَحِمَهُ اللهُ -، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [18/ 6876] (2718)، و (أبو داود) في "الأدب"
(5086)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (5/ 257 و 6/ 137)، و (ابن السنّيّ) في