أَعُوذُ)؛ أي: أعتصم، وأتحصّن (بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ) بتقديم الميم على اللام
فيه وفيما يأتي؛ أي: فعلته مما يقتضي العقوبة في الدنيا والآخرة.
وقال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: أي: من شر عَمَل يُحتاج فيه إلى العفو، والغفران؛
يعني: أن المراد مِن استعاذته مِن شرّ ما عمل: طلب العفو، والغفران منه عما
عَمِلَ. (وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ") وفي بعض النسخ: "وشرّ ما لم أعمل" بإسقاط
" من)؛ أي: أعوذ بك من أن أعمل في المستقبل ما يتسبّب في إيصال العقوبة
إلي.
وقال الأشرف: استعاذ من شرّ أن يعمل في مستقبل الزمان ما لا
يرضاه الله تعالى، بأن يحفظه منه، فإنه لا يأمن لأحد من مكر الله، {فَلَا يَأْمَنُ
مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99].
وقيل: من شرّ أن يصير مُعْجَباً بنفسه في ترك القبائح، فإنه يجب أن يَرَى
ذلك من فضل ربه، أو المراد: شرّ عمل غيره، كما قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً
لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25].
وَيحْتَمِل أنه استعاذ من أن يكون ممن يُحِبّ أن يُحمَد بما لم يفعل.
انتهى (?).
وقيل: المراد ما يُنسب إليه افتراء، ولم يعمله، وقال السنديّ: قوله: من
شر ما عملت، إلخ؛ أي: من شر ما فعلت من السيئات، وما تركت من
الحسنات، أو من شر كل شيء مما تعلق به كسبي أولاً، والله تعالى أعلم
انتهى (?).
وقال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: استعاذ مما عُصم منه ليلتزم خوف الله تعالى،
وإعظامه، والافتقارَ إليه، وليُقتدَى به، وليبيّن صفة الدعاء.
وقال الشوكانيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا تعليم منه - صلى الله عليه وسلم - لأمته؛ ليقتدوا به، وإلا فجميع
أعماله سابقها، ولاحقها كلها خيرٌ، لا شرّ فيها.
وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من شرّ ما عملت ...