وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: أما معنى الظاهر من أسماء الله، فقيل: هو من

الظهور، بمعنى القهر والغلبة، وكمال القدرة، ومنه: ظهر فلان على فلان،

وقيل: الظاهر بالدلائل القطعية، والباطن يحتجب عن خلقه، وقيل: العالم

بالخفيات.

وأما تسميته - سُبْحَانَهُ وَتعَالى - بالآخر، فقال الإمام أبو بكر بن الباقلّانيّ: معناه:

الباقى بصفاته من العلم، والقدرة، وغيرهما التي كان عليها في الأزل، ويكون

كذلك بعد موت الخلائق، وذهاب علومهم، وقدرهم، وحواسهم، وتفرق

أجسامهم، قال: وتعلقت المنزلة بهذا الاسم فاحتجوا به لمذهبهم في فثاء

الأجسام، وذهابها بالكلية، قالوا: ومعناه: الباقي بعد فثاء خلقه، ومذهب أهل

الحقّ خلاف ذلك، وأن المراد الآخر بصفاته بعد ذهاب صفاتهم، ولهذا يقال:

آخر من بقي من بني فلان فلان، يراد حياته، ولا يراد فناء أجسام موتاهم،

وعدمها، هذا كلام ابن الباقلّانيّ. انتهى (?).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "أنت الأوّل فليس قبلك شيء ... " الحديث

إلى آخره، تضمّن هذا الدعاء من أسماء الله تعالى ما تضمّنه قوله تعالى: {هُوَ

الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الحديد: 3]، وقد اختَلَفت عبارات العلماء في

ذلك، وأرشق عباراتهم في ذلك قول من قال: الأول بلا ابتداء، والآخر بلا

انتهاء، والظاهر بلا اقتراب، والباطن بلا احتجاب، وقيل: الأول بالإبداء،

والآخر بالإفناء، والظاهر بالآيات، والباطن عن الإدراكات، وقيل: الأول:

القديم، والآخر: الباقي، والظاهر: الغالب، والباطن: الخفي اللطيف، الرفيق

بالخلق، وهذا القول يناسب الحديث، وهو بمعناه.

وقوله: "فليس فوقك شيء"؛ أي: لا يقهرك شيء. وقوله: "فليس دونك

شيء"؛ أي: لا شيء ألطف منك، ولا أرفق. انتهى (?).

(اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: يَحْتَمِل أن المراد بالدِّين هنا:

حقوق الله تعالى، وحقوق العباد كلها، من جميع الأنواع.

(وَأَغْنِنَا) بقطع الهمزة، من الإغناء، (مِنَ الْفَقْرِ") الظاهر أن "من" هنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015