به"، (فَإِنْ متَّ) بضمّ الميم، وكسرها في الموضعين، قرئ بهما في السبعة،

قال الفيّوميّ رحمهُ اللهُ: مَاتَ الإنسان يَمُوتُ مَوْتًا، ومَاتَ يَمَاتُ، من باب خاف

لغةٌ، ومِتُّ بالكسر أَمُوتُ لغة ثالثةٌ، وهي من باب تداخل اللغتين، ومثله من

المعتلّ دِمْتَ تدوم، وزاد ابن القطاع: كِدت تكود، وَجِدت تجود، وجاء

فيهما: تكاد، وتجاد. انتهى (?).

(مِنْ لَيْلَتِكَ)؛ أي: في ليلتك، فـ "مِن" بمعنى "في"، (مُتَّ، وَأَنْتَ عَلَى

الْفِطْرَةِ")؛ أي: على الدِّين القويم، ملة إبراهيم عليه السَّلام، فإنه أسلم، واستسلم،

قال الله تعالى عنه: {إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (84)} [الصافات: 84]، وقال عنه:

{أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البقرة: 131]، وقال: {فَلَمَّا أَسْلَمَا} [الصافات: 103].

وقال في "الفتح": قوله: "فإن مت مت على الفطرة": في رواية أبي

الأحوص، عن أبي إسحاق: "من ليلتك"، وفي رواية المسيَّب بن رافع: "من

قالهنّ، ثم مات تحت ليلته"، قال الطيبيّ: فيه إشارة إلى وقوع ذلك قبل أن

ينسلخ النهار من الليل، وهو تحته، أو المعنى بالتحت؛ أي: مت تحت نازل

ينزل عليك في ليلتك، وكذا معنى "مِنْ" في الرواية الأخرى: أي: من أجل ما

يحدُث في ليلتك. انتهى (?).

وقال ابن بطال، وجماعة: المراد بالفطرة هنا: دين الإسلام، وهو بمعنى

الحديث الآخر: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة"، قال القرطبيّ

في "المفهم": كذا قال الشيوخ، وفيه نظر؛ لأنه إذا كان قائل هذه الكلمات

المقتضية للمعاني التي ذُكرت من التوحيد، والتسليم، والرضا، إلى أن يموت،

كمن يقول: لا إله إلا الله، ممن لم يخطر له شيء من هذه الأمور، فأين فائدة

هذه الكلمات العظيمة، وتلك المقامات الشريفة؟

ويمكن أن يكون الجواب: أن كلًّا منهما، وإن مات على الفطرة، فبين

الفطرتين ما بين الحالتين، ففطرة الأول فطرة المقربين، وفطرة الثاني فطرة

أصحاب اليمين.

ووقع في رواية حصين بن عبد الرحمن، عن سعد بن عبيدة، في آخره،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015