(ثُمَّ اضْطَجِعْ) أمرٌ من الاضطجاع، وأضله: اضتَجِعْ؛ لأنه من باب

الافتعال، فقُلبت التاء طاء، كما قال في "الخلاصة":

طَا تَا افْتِعَالٍ رُدَّ إِثْرَ مُطْبَقِ ... فِي ادَّانَ وَازْدَدْ وَادَّكِرْ دَالًا بَقِي

(عَلَى شِقِّكَ) -بكسر المعجمة، وتشديد القاف-؛ أي: الجانب (الأَيْمَنِ)

وإنما خُصّ الأيمن لفوائد، منها: أنه أسرع إلى الانتباه، ومنها: أن القلب

متعلق إلى جهة اليمين، فلا يثقل بالنوم، ومنها: قال ابن الجوزيّ هذه الهيئة

نَصّ الأطباء على أنها أصلح للبدن، قالوا: يبدأ بالاضطجاع على الجانب

الأيمن ساعة، ثم ينقلب إلى الأيسر؛ لأن الأول سبب لانحدار الطعام، والنوم

على اليسار يَهضم؛ لاشتمال الكبد على المعدة.

[تنبيه]: هكذا وقع في رواية سعد بن عبيدة، وأبي إسحاق عن البراء،

ووقع في رواية العلاء بن المسيَّب، عن أبيه، عن البراء، من فعل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-،

ولفظه: "كان النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إذا أوى إلى فراشه، نام على شقه الأيمن، ثم قال ... "

الحديث، فيستفاد مشروعية هذا الذكر من قوله -صلى الله عليه وسلم-، ومِن فِعله.

ووقع عند النسائيّ من رواية حصين بن عبد الرحمن، عن سعد بن عبيدة،

عن البراء، وزاد في أوله: "ثم قال: بسم الله، اللَّهُمَّ أسلمت نفسي إليك".

ووقع عند الخرائطيّ في "مكارم الأخلاق" من وجه آخر عن البراء،

بلفظ: "كان إذا أوى إلى فراشه قال: اللَّهُئَم أنت ربي، ومليكي، وإلهي، لا إله

إلا أنت، إليك وجهت وجهي ... " الحديث (?).

(ثُمَّ قُل: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ) قال في "الفتح": كذا لأبي ذرّ،

وأبي زيد، ولغيرهما: "أسلمت نفسي"، قيل: الوجه والنفس هنا بمعنى الذات،

والشخص؛ أي: أسلمت ذاتي، وشخصي لك، وفيه نظرٌ؛ للجمع بينهما في

رواية عمرو بن مرّة، عن سعد بن عبيدة، عن البراء الآتية، وزاد خصلة رابعة،

ولفظه: "اللَّهُمَّ أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وألجأت ظهري

إليك، وفوضت أمري إليك"، فعلى هذا فالمراد بالنفس هنا: الذات، وبالوجه:

القصد، وأبدى القرطبيّ هذا احتمالًا بعد جزمه بالأول، أفاده في "الفتح".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015