المؤمنين - رضي الله عنها -، يقال: له رؤية، ولا يثبت، وهو ثقةٌ [3] (103) (بخ م 4) تقدم
في "الإيمان" 63/ 357.
والباقون ذُكروا في البابين الماضيين.
قال الجامع عفا الله عنه: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متَّفقٌ عليه، وقد
مضى شرحه، وبيان مسائله في "باب الحثّ على ذكر الله تعالى" [1/ 6781]
(2675) فراجعه تستفد.
وقوله: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي)؛ أي: أعامله على حسب ظنه، وأفعل به
ما يتوقعه مني، فليُحْسِن رجاءه، أو أنا قادر على أن أعمل به ما ظن أني
أعامله به، فالمراد: الحثّ على تغليب الرجاء على الخوف، والظنّ على بابه،
ذكره القاضي -رَحِمَهُ اللهُ-.
قال: ويمكن تفسيره بالعلم، والمعنى: أنا عند يقينه بي، وعِلمه بأن
مصيره إليّ، وحسابه عليّ، وأن ما قضيت من خير وشرّ، فلا مردّ له، لا معطي
لِمَا منعت، ولا رادّ لِمَا أعطيت؛ أي: إذا تمكن العبد في مقام التوحيد،
ورسخ في مقام الإيمان، والوثوق به، قَرُب منه، ورفع دونه الحجاب، بحيث
إذا دعاه أجاب، وإذا سأله استجاب.
وجزم بعض المتأخرين بثاني احتماليه، فقال: معناه: عند يقينه بي،
فا لاعتماد عليّ، والوثوق بوعدي، والرهبة من وعيدي، والرغبة فيما عندي،
أعطيه إذا سألني، وأستجيب له إذا دعاني، كلّ ذلك على حسب ظنه، وقوّة
يقينه، والظن قد يَرِد بمعنى اليقين، قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: 46]؛ أي: يوقنون، إن خيراً فخير، وإن شرّاً فشر؛ أي: إن ظن
بي خيراً أفعل به خيراً، وإن ظن بي شرّاً أفعل به شرّاً.
قال العلامة ابن القيم -رَحِمَهُ اللهُ-: وأعظم الذنوب عند الله تعالى إساءة الظن
به، فإن من أمماء الظن به ظَنّ به خلاف كماله الأقدس، وظنَّ به ما يناقض
أسماءه وصفاته، ولهذا توعّد عليه بما توعّد به غيره، فقال: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ} [الفتح: 6]، وقال: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ} [فصلت: 23].
وقال الكرماني -رَحِمَهُ اللهُ-: وفيه إشارة إلى ترجيح جانب الرجاء على الخوف؛