لِقَاءَ اللهِ، وَكَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ") قال الخطابيّ -رحمه الله-: تضمّن حديث الباب من التفسير
ما فيه غُنية عن غيره، واللقاء يقع على أوجه منها: المعاينة. ومنها: البعث؛
كقوله تعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ} [الأنعام: 31]؛ أي: بالبعث.
ومنها: الموت؛ كقوله تعالى: {كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ} الآية
[العنكبوت: 5]، وقوله: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} الآية
[الجمعة: 8]. انتهى.
وقال النووي -رحمه الله-: هذا الحديث يفسّر آخرُهُ أوّلَهُ، ويبيّن المراد بباقي
الأحاديث المطلقة: "من أحبّ لقاء الله، ومن كره لقاء الله".
ومعنى الحديث: أن الكراهة المعتبَرة هي التي تكون عند النزع في حالةٍ
لا تُقبل توبته، ولا غيرها، فحينئذ يُبشّر كلُّ إنسان بما هو صائر إليه، وما أُعدّ
له، ويُكشف له عن ذلك، فأهل السعادة يُحبّون الموت، ولقاءَ الله، لينتقلوا إلى
ما أُعدّ لهم، ويحبّ اللهُ لقاءهم؛ أي: فيُجزِل لهم العطاء والكرامة، وأهل
الشقاوة يَكرهون لقاءه، لِمَا عَلِمُوا من سوء ما يَنتقلون إليه، وَيكره الله لقاءهم؛
أي: يُبعدهم عن رحمته وكرامته، ولا يريد ذلك بهم، وهذا معنى كراهته
سبحانه لقاءهم، وليس معنى الحديث أن سبب كراهة الله تعالى لقاءَهُم كراهتُهُم
ذلك، ولا أن حبّه لقاءَ الآخرين حبُّهم ذلك، بل هو صفة لهم. انتهى (?).
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عائشة -رضي الله عنهما- هذا من أفراد المصنّف -رحمه الله-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [5/ 6798 و 6799 و 6800 و 6801] (2684)
وعلّقه البخاريّ في "الرقاق" (6507)، و (النسائيّ) في "الجنائز" (1838)
و"الكبرى" (1964)، و (ابن ماجه) في "الزهد" (4264)، و (أحمد) في "مسنده"
(6/ 44 و 55 و 207 و 236)، و (ابن راهويه) في "مسنده" (3/ 716)، و (ابن
حبّان) في "صحيحه" (3010)، و (القضاعيّ) في "مسند الشهاب" (4301)،