بيانه؛ كاسمه العظيم والمجيد والصمد، كما قال ابن عباس فيما رواه عنه ابن

أبي حاتم في "تفسيره": الصمد: السيد الذي قد كَمَل في سؤدده، والشريف

الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد

كمل في حلمه، والعليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في

حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع شرفه وسؤدده، وهو الله سبحانه، هذه

صفته، لا تنبغي إلا له، ليس له كفواً أحد، وليس كمثله شيء، سبحان الله

الواحد القهار (?).

وهذا مما خَفِي على كثير ممن تعاطى الكلام في تفسير الأسماء الحسنى،

ففسَّر الاسم بدون معناه، ونَقَصَه من حيث لا يعلم، فمن لم يُحِطْ بهذا علماً

بَخَس الاسم الأعظم حقّه، وهَضَمه معناه، فتدبره.

ثم ذكر قاعدة جامعة لِمَا تقدم من الوجوه، وهي معرفة الإلحاد في

أسمائه، حتى لا يقع فيه:

قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ

سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (180)} [الأعراف: 180]، والإلحاد في أسمائه هو العدول

بها، وبحقائقها، ومعانيها عن الحقّ الثابت لها، وهو مأخوذ من الميل، كما

يدل عليه مادته (ل ح د)، فمنه اللحد، وهو الشق في جانب القبر الذي قد مال

عن الوسط، ومنه الملحد في الدين المائل عن الحقّ إلى الباطل، قال ابن

السِّكّيت: الملحد: المائل عن الحقّ المُدْخِل فيه ما ليس منه، ومنه الملتحَد،

وهو مُفتعَل من ذلك، وقوله تعالى: {وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} [الكهف: 27]؛

أي: من تعدل إليه، وتهرب إليه، وتلتجئ إليه، وتبتهل، فتميل إليه عن غيره،

تقول العرب: التحد فلان إلى فلان: إذا عدل إليه.

إذا عُرف هذا، فالإلحاد في أسمائه تعالى أنواع:

أحدها: أن يسمى الأصنام بها؛ كتسميتهم اللات من الإلهية، والعزى من

العزيز، وتسميتهم الصنم إلهاً، وهذا إلحاد حقيقة، فإنهم عدلوا بأسمائه إلى

أوثانهم، وآلهتهم الباطلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015