وقيل: المراد بالاسم الأعظم: كلّ اسم من أسماء الله تعالى دعا العبد به

مستغرقاً، بحيث لا يكون في فكره حالتئذ غير الله تعالى، فإن من تأتّى له ذلك

استجيب له، ونُقل معنى هذا عن جعفر الصادق، وعن الجنيد، وعن غيرهما.

وقال آخرون: استأثر الله تعالى بعلم الاسم الأعظم، ولم يُطلع عنيه

أحداً من خلقه، وأثبته آخرون معيَّناً، واضطربوا في ذلك.

قال الحافظ - رحمه الله -: وجملة ما وقفت عليه من ذلك أربعة عشر قولاً:

الأول: الاسم الأعظم: "هو"، نقله الفخر الرازيّ عن بعض أهل

الكشف، واحتَجّ له بأن من أراد أن يعبّر عن كلام معظَّم بحضرته لم يقل له:

أنت قلت كذا، وإنما يقول: هو يقول؛ تأدباً معه.

الثاني: "الله"؛ لأنه اسم لم يُطلق على غيره، ولأنه الأصل في الأسماء

الحسنى، ومن ثَم أضيفت إليه.

الثالث: "الله الرحمن الرحيم"، ولعل مستنَده ما أخرجه ابن ماجه عن

عائشة - رضي الله عنهما -؛ أنها سألت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يعلّمها الاسم الأعظم، فلم يفعل،

فصلّت، ودعت: "اللَّهُمَّ إني أدعوك الله، وأدعوك الرحمن، وأدعوك الرحيم،

وأدعوك بأسمائك الحسنى كلها، ما علمت منها وما لم أعلم ... " الحديث،

وفيه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "إنه لفي الأسماء التي دعوتِ بها".

قلت (?): وسنده ضعيف، وفي الاستدلال به نظر لا يخفى.

الرابع: "الرحمن الرحيم الحي القيوم"؛ لِمَا أخرج الترمذيّ من حديث

أسماء بنت يزيد؛ أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين:

{وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)} [البقرة: 163]، وفاتحة

"سورة آل عمران": {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ (2)}، أخرجه أصحاب

"السنن" إلا النسائيّ، وحسّنه الترمذيّ، وفي نسخة صححه، وفيه نظر؛ لأنه من

رواية شهر بن حوشب.

قال الجامع عفا الله عنه: هكذا طَعَن الحافظ في هذا الحديث بسبب

شهر بن حوشب، وفيه نظر؛ لأنه ثقةٌ، وأقلّ أحواله أن يكون حسن الحديث،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015