عليه، ولا يُتصرف فيه بالاشتقاق؛ كقوله تعالى: {وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: 54]

{يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15] فلا يجوز ماكر، ومستهزئ.

قال الجامع عفا الله عنه: خلاصة القول في المسألة: أنهم اختلفوا في

كون أسمائه تعالى وصفاته توقيفيّة، أم لا على أقوال: أحدها: أنها توقيفيّة،

وهو الراجح، والثاني: أنه يجوز إطلاق كلّ ما يليق به تعالى من الأسماء

والصفات، والثالث: يجوز في الوصف، دون الاسم، والصواب عندي

المذهب الأول، كما أشرت إليه، وحجته قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى

فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180]، فقد أمَر الله - سبحانه وتعالى - بدعائه بأسمائه الحسنى، ولا

يُعرف أنها حسنى، إلا إذا أثبتها النصّ الصحيح، فلا يجوز دعاؤه بغير ما ثبت

فيه، وهذا بالنسبة للدعاء، وأما التسمية، فأمرها واسع، فإذا ورد فعل، أو

مصدر جاز أن نُطلق الوصف منهما عليه تعالى، كما قال الشافعيّ - رحمه الله - في

"الرسالة"، فقد قال في خطبتها: "الجاعلنا من خير أمة"، وكإطلاق لفظ الشارع

أخذاً من قوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ} [الشورى: 13]، فتبصّر، والله تعالى

أعلم.

(المسألة الحادية عشرة): في اختلاف أهل العلم في الاسم الأعظم:

(اعلم): أنه قد أنكره قوم؛ كأبي جعفر الطبريّ، وأبي الحسن الأشعريّ،

وجماعة بعدهما؛ كأبي حاتم بن حبان، والقاضي أبي بكر الباقلّانيّ فقالوا: لا

يجوز تفضيل بعض الأسماء على بعض، ونَسَبَ ذلك بعضهم لمالك؛ لكراهيته

أن تُعادَ سورة، أو تُردَّد دون غيرها من السور؛ لئلا يُظَنّ أن بعض القرآن أفضل

من بعض، فيؤذِن ذلك باعتقاد نقصان المفضول عن الأفضل، وحملوا ما ورد

من ذلك على أن المراد بالأعظم: العظيم، وأن أسماء الله كلها عظيمة.

وعبارة أبي جعفر الطبريّ: اختَلَفت الآثار في تعيين الاسم الأعظم،

والذي عندي أن الأقوال كلها صحيحة؛ إذ لم يَرِد في خبر منها أنه الاسم

الأعظم، ولا شيء أعظم منه، فكأنه يقول: كل اسم من أسمائه تعالى يجوز

وَصْفه بكونه أعظم، فيرجع إلى معنى عظيم، كما تقدم.

وقال ابن حبان: الأعظمية الواردة في الأخبار إنما يراد بها: مزيد ثواب

الداعي بذلك، كما أُطلق ذلك في القرآن، والمراد به: مزيد ثواب القارئ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015