قال: هذا جميع ما وقفت عليه من طرقه، وقد أطلق ابن عطية في
"تفسيره" أنه تواتر عن أبي هريرة، فقال: في سرد الأسماء نظرٌ، فإن بعضها
ليس في القرآن، ولا في الحديث الصحيح، ولم يتواتر الحديث من أصله، وإن
خرّج في "الصحيح"، ولكنه تواتر عن أبي هريرة. كذا قال، ولم يتواتر عن أبي
هريرة أيضاً، بل غاية أمره أن يكون مشهوراً. انتهى كلام الحافظ - رحمه الله -، وهو
تحقيق نفيسٌ، والله تعالى أعلم.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في سرد الأسماء المذكورة:
قال الحافظ - رحمه الله -: لم يقع في شيء من طرق هذا الحديث سرد الأسماء،
إلا في رواية الوليد بن مسلم، عند الترمذيّ، وفي رواية زهير بن محمد، عن
موسى بن عقبة، عند ابن ماجه، وهذان الطريقان يرجعان إلى رواية الأعرج،
وفيهما اختلاف شديد في سرد الأسماء، والزيادة، والنقص، على ما سأشير
إليه.
ووقع سرد الأسماء أيضاً في طريق ثالثة، أخرجها الحاكم في
"المستدرك"، وجعفر الفريابيّ في "الذِّكر" من طريق عبد العزيز بن الحصين،
عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة.
واختَلَف العلماء في سرد الأسماء، هل هو مرفوع، أو مدرج في الخبر
من بعض الرواة؟ فمشى كثير منهم على الأول، واستدَلُّوا به على جواز
تسمية الله تعالى بما لم يَرِد في القرآن بصيغة الاسم؛ لأن كثيراً من هذه
الأسماء كذلك.
وذهب آخرون إلى أن التعيين مُدْرَج؛ لخلوّ أكثر الروايات عنه، ونقله
عبد العزيز النخشبيّ عن كثير من العلماء، قال الحاكم بعد تخريج الحديث من
طريق صفوان بن صالح، عن الوليد بن مسلم: صحيح على شرط الشيخين،
ولم يخرجاه بسياق الأسماء الحسنى، والعلة فيه عندهما تفرُّد الوليد بن مسلم،
قال: ولا أعلم خلافاً عند أهل الحديث أن الوليد أوثق، وأحفظ، وأجلّ
وأعلم، من بشر بن شعيب، وعليّ بن عياش، وغيرهما، من أصحاب شعيب،
يشير إلى أن بشراً، وعليّاً، وأبا اليمان، رووه عن شعيب بدون سياق الأسماء،
فرواية أبي اليمان عند البخاريّ، ورواية عليّ عند النسائيّ، ورواية بشر عند