وقد خزجه ابن المبارك، وابن أبي الدنيا من وجوه مرسلة بمعناه.

وفي "صحيح مسلم" عن عائشة، قالت: كان رسول الله -صلي الله عليه وسلم- يذكر الله

على كل أحيانه.

وقال أبو الدرداء: الذين لا تزال ألسنتهم رطبة من ذكر الله، يدخل

أحدهم الجنة، وهو يضحك، وقيل له: إن رجلًا أعتق مائة نسمة، فقال: إن

مائة نسمة من مال رجل كثير، وأفضل من ذلك إيمان ملزوم بالليل والنهار،

وأن لا يزال لسان أحدكم رطبًا من ذكر الله.

وقال معاذ: لأنْ أذكر الله من بُكرة إلى الليل أحبّ إليّ من أن أحمل

على جياد الخيل في سبيل الله من بكرة إلى الليل.

وقال ابن مسعود في قوله تعالى {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102]

قال: أن يطاع فلا يعصى، ويُذكر فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكْفَر، خرّجه الحاكم

مرفوعًا، وصححه، والمشهور وَقْفه.

وقال زيد بن أسلم: قال موسى: يا رب قد أنعمت عليّ كثيرًا، فدُلّني

على أن أشكرك كثيرًا، قال: اذكرني كثيرًا، فإن ذكرتني كثيرًا، فقد شكرتني،

وإذا نسيتني فقد كفرتني.

وقال الحسن: أحبُّ عباد الله إلى الله أكثرهم له ذكرًا، وأتقاهم قلبًا.

وقال أحمد بن أبي الحواريّ: حدّثني أبو المخارق، قال: قال

رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "مررت ليلة أُسري بي برجل مُغَيَّب في نور العرش، فقلت: من

هذا؟ ، أملَك؟ ، قيل: لا، قلت: أنبيّ؟ قيل: لا، قلت: من هو؟ قال: هذا

رجل كان لسانه رطبًا من ذكر الله، وقلبه معلق بالمساجد، ولم يستسب والديه

قط.

وقال ابن مسعود: قال موسى: ربِّ أيّ الأعمال أحب إليك أن أعمل

به؟ قال: تذكرني، فلا تنساني.

المحب اسم محبوبه لا يغيب عن قلبه، فلو كُلِّف أن ينسى ذكره لَمَا

قَدَر، ولو كُلّف أن يكفّ عن ذكره بلسانه لَمَا صبر. [من الخفيف]:

كَيْفَ يَنْسَى الْمُحِبُّ ذِكْرَ حَبِيبٍ ... اسْمُهُ فِي فُؤَادِهِ مَكْتُوبُ

كان بلال -رضي الله عنه- كلما عذبه المًشركون في الرمضاء على التوحيد، يقول:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015