قال رحمه الله تعالى عند شرح حديث عبد الله بن بُسْر قال: أتى النبيّ -صلي الله عليه وسلم-
رجل، فقال: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كَثُرت علينا، فبابٌ نتمسك
به جامعٌ؟ قال: "لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله"، خرّجه الإمام أحمد بهذا
اللفظ، وخرّجه الترمذيّ، وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه" بمعناه، وقال
الترمذيّ: حسنٌ غريبٌ، وكلهم خرّجه من رواية عمرو بن قيس الكنديّ، عن
عبد الله بن بُسْر، وخرّجه ابن حبان في "صحيحه" وغيره من حديث معاذ بن
جبل، قال: آخر ما فارقت عليه رسول الله -صلي الله عليه وسلم- أن قلت له: أيّ الأعمال خير،
وأقرب إلى الله؟ قال: "أن تموت، ولسانك رطب من ذكر الله".
قال: قد أمر الله -سبحانة وتعالي- المؤمنين بأن يذكروه ذكرًا كثيرًا، ومدح مَن ذكره
كذلك، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً
وَأَصِيلًا (42)} [الأحزاب: 41 - 42]، ، وقال تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ
تُفْلِحُونَ} [الجمعة: 10]، وقال تعالى: {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ
لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35]، وقال تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا
وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران: 191].
وفي "صحيح مسلم " عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنْ رسول الله -صلي الله عليه وسلم- مَرّ على جبل
يقال له: جُمْدان، فقال: "سيروا هذا جُمدان، سبق المفردون"، قالوا: ومن
المفردون يا رسول الله -صلي الله عليه وسلم-؟ قال: "الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات"، وخرّجه الإمام
أحمد، ولفظه: "سبق المفردون"، قالوا: ومن المفردون؟ قال: "الذين يُهْتَرُون في
ذكر الله"، وخرّجه الترمذيّ، وعنده: قالوا: يا رسول الله، وما المفردون؟ قال:
"الْمُسْتَهْتَرون في ذكر الله، يضع الذكر عنهم أثقالهم، فيأتون يوم القيامة خِفافًا".
وروى موسى بن عُبيدة، عن أبي عبد الله القَرّاظ، عن معاذ بن جبل،
قال: بينما نحن مع رسول الله -صلي الله عليه وسلم- نُسير بالقريب من جُمدان، إذِ استَنْبَه، فقال:
"يا معاذ أين السابقون؟ " فقلت: قد مَضَوا، وتخلّف أناس، فقال: "يا معاذ إن
السابقين الذين يُسْتَهْتَرون بذكر الله"، خرّجه جعفر الفريانيّ (?).