هدايته للمهتدي، وعلى ما له من الأجور على حسناته الخاصّة من الأعمال،
والمعارف، والأجور التي لا تصل جميع أمته إلى عَرْف نَشْرها، ولا يبلغون
عُشر عشرها، وهكذا نقول: إن جميع حسناتنا، وأعمالنا الصالحة، وعبادات
كل مسلم مسطّرة في صحائف نبينا -صلى الله عليه وسلم- زيادةً على ما له من الأجر، ويحصل له
من الأجور بعدد أمته أضعافًا مضاعفةً، لا تحصى، يقصر العقل عن إدراكها؛
لأن كل عالم، ودالّ، يحصل له أجر إلى يوم القيامة، ويتجدد لشيخه في
الهداية مثل ذلك الأجر، ولشيخ شيخه مثلاه، وللشيخ الثالث أربعة، والرابع
ثمانية، وهكذا تضعف في كل مرتبة بعدد الأجور الحاصلة قبله إلى أن ينتهي
إلى النبيّ -صلي الله عليه وسلم-، إذا فرضت المراتب عشرة بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- كان للنبيّ -صلي الله عليه وسلم- من
الأجر ألف وأربعة وعشرون، فإذا اهتدى بالعاشر حادي عشر صار أجر
النبيّ -صلي الله عليه وسلم- ألفين وثمانية وأربعين، وهكذا كل ما زاد واحدًا يتضاعف ما كان قبله
أبدًا إلى يوم القيامة، وهذا أمر لا يحصره إلا الله، فكيف إذا أُخذ مع كثرة
الصحابة والتابعين والمسلمين في كل عصر، وكل واحد من الصحابة يحصل له
بعدد الأجور الذي ترتّبت على فِعله إلى يوم القيامة، وكل ما يحصل لجميع
الصحابة حاصل بجملته للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وبه يظهر رجحان السلف على الخلف،
وأنه كلما ازداد الخلف ازداد أجر السلف، وتضاعف، ومن تأمل هذا المعنى،
ورُزق التوفيق انبعثت همته إلى التعليم، ورَغِب في نشر العلم؛ ليتضاعف أجره
في الحياة، وبعد الممات على الدوام، ويكفّ عن إحداث البدع، والمظالم،
من المكوس وغيرها، فإنها تضاعف عليه السيئات بالطريق المذكور، ما دام
يعمل بها عامل، فليتأمل المسلم هذا المعنى، وسعادة الدالّ على الخير،
وشقاوة الدالّ على الشرّ. انتهى (?)، والله تعالى أعلم.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
* * *