هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلي الله عليه وسلم-قَالَ: "مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ
مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ
الاثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا").
قال الجامع عفا الله عنه: قد تقدّم هذا الإسناد نفسه في الباب الماضي.
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- (أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- قَالَ: "مَنْ دَعَا إِلى هُدًى)؛
أي: إلى ما يُهتدى به من الأعمال الصالحة، ونَكَّره؛ ليشيع، فيتناول الحقير،
كإماطة الأذى عن الطريق (?).
قال الطيبيّ -رحمه الله-: الْهُدَى: إما الدلالة الموصلة إلى البُغية، أو مطلق
الإرشاد، والمراد في هذا الحديث: ما يُهْتَدَى به من الأعمال الصالحة، وهو
بحسب التنكير مطلق شائعٌ في جنس ما يقال له: هُدًى، يُطلق على القليل
والكثير، والعظيم، والحقير، فأعظمه هُدَى مَن دعا إلى الله، وعَمِل صالِحًا،
وقال: إني من المسلمين، وأدناه هُدَى من دعا إلى إماطة الأذى عن طريق
المسلمين، ومن ثَمّ عَظُم شأن الفقيه الداعي المثذر حتى فُضّل واحد منهم على
ألف عابد؛ لأن نَفْعه يعمّ الأشخاص والأعصار إلى يوم الدين، ونرجو من
رحمة الله وكرمه أن يكون سعينا في هذا الكتاب منتظمًا في هذا السلك،
ويرحم الله عبدًا قال: آمين. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: آمين آمين آمين.
(كَانَ لَهُ)؛ أي: لذلك الداعي (مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ) فعمل
بدلالته، أو امتثل أمره، (لَا يَنْقُصُ) بضمّ القاف، من باب نصر، (ذَلِكَ) قال
القاري -رحمه الله-: إشارة إلى مصدر "كان"، كذا قيل: والأظهر أنه راجع إلى الأجر.
(مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا) قال ابن الملك: هو مفعول به، أو تمييز؛ بناءً على أن النقص
يأتي لازمًا، ومتعدّيًا. انتهى، وتعقّبه القاري، فقال: والظاهر أن "شيئًا" مفعول
به، أي: شيئًا من أجورهم، أو مفعول مطلق؛ أي: من النقص. انتهى (?).
وهذا دَفع لِمَا يُتَوهَّم أن أجر الداعي إنما يكون مِثْلًا بالتنقيص من أجر