أظهر. (قَدَرُ اللهِ) يَحْتَمِل أن يكون اسمًا بمعنى التقدير، مضافًا إلى الجلالة،
وهو خبز لمحذوف؛ أي: هذا الأمر الذي أصابني قَدَرُ الله تعالى؛ أي: تقدير
منه -سبحانه وتعالى-، أو هو مبتدأ محذوف الخبر؛ أي: قَدَرُ الله تعالى أصابني.
وَيحْتَمل أن يكون فعلًا ماضيًا بتشديد الدال، وتخفيفها، ورفع الجلالة
على الفاعليّة؛ أي: قدّر الله عليّ هذا الأمر، وقع ذلك بمقتضى قضائه، وعلى
وفِق قَدَره، ويؤيّد هذا الوجه ليتناسب مع قوله: "وما شاء فعل".
(وَمَا شَاءَ) وفي نسخة: "وما شاء الله"، (فَعَلَ) بحذف العائد؛ أي: فعله،
فإنه فعّال لِمَا يريد، ولا رادّ لقضائه، ولا معقِّب لحكمه.
وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "وإن أصابك شيء فلا تقل إلخ"؛ يعني: أن
الذي يتعيّن بعد وقوع المقدور التسليمُ لأمر الله تعالى، والرضا بما قدّره،
والإعراض عن الالتفات لِمَا مضى وفات، فإن افتكر فيما فاته من ذلك، وقال:
لو أني فعلت كذا لكان كذا، جاءته وساوس الشيطان، ولا تزال به حتى تُفضي
به إلى الخسران؛ لِتعارُض توهّم التدبير سابق المقادير، وهذا هو عمل الشيطان
الذي نَهَى عنه النبيّ -رحمه الله- بقوله: "فلا تقل: لو ... فإنَّ لو تفتح عمل الشيطان"،
ولا يُفهم من هذا: أنَّه لا يجوز النطق بـ "لو" مطلقًا؛ إذ قد نطق بها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -،
فقال: "لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت، لم أَسُق الهدي، ولجعلتها
عمرة" (?)، و"لو كنت راجمًا أحدًا بغير بيّنة لرجمت هذه" (?). وقال أبو
بكر - رضي الله عنه -: "لو أنّ أحدهم نظر إلى رجليه لرآنا"، ومثله كثير؛ لأنَّ محل النهي
عن إطلاقها إنما هو فيما إذا أُطلقت في معارضة القدر، أو مع اعتقاد أن ذلك
المانع لو ارتفع لوقع خلاف المقدور، فأمَّا لو أخبر بالمانع على جهة أن تتعلّق
به فائدة في المستقبل، فلا يُختلَف في جواز إطلاقه؛ إذ ليس في ذلك فتحٌ
لعمل الشيطان، ولا شيء يُفضي إلى ممنوع، ولا حرام، والله تعالى أعلم.
انتهى (?).
(فَإِنَّ) الفاء للتعليل؛ أي: لأن ("لَوْ)؛ أي: كلمة "لو" الشرطيّة، (تَفْتَحُ