الخضر، فصرعه، ونزع رأسه عن جسده، قال الكلبيّ: واسم الغلام: شمعون،
وقال الضحاك: حيسون، وقال وهب: اسم أبيه: سلاس، واسم أمه: رحمى،
وحَكَى السُّهَيليّ أن اسم أبيه: كازير، واسم أمه: سهوى.
وقال الجمهور: لم يكن بالغًا، ولذلك قال موسى: زاكية، لم تذنب،
وهو الذي يقتضيه لفظ الغلام، فإن الغلام في الرجال يقال على من لم يبلغ،
وتقابله الجارية في النساء.
وكان الخضر قتله لمّا عَلِم من سِرّه، وأنه طُبع كافرًا كما في صحيح
الحديث، وأنه لو أدرك لأرهق أبويه كفرًا، وقتل الصغير غير مستحيل، إذا
أذن الله في ذلك، فإن الله تعالى الفعال لِمَا يريد، القادر على ما يشاء، وفي
"كتاب العرائس": إن موسى لمّا قال للخضر: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} [الكهف: 74]
الآية، غَضِب الخضر، واقتلع كتف الصبي الأيسر، وقشر اللحم عنه، وإذا في
عظم كتفه مكتوب: كافر، لا يؤمن بالله أبدًا.
وقد احتَجّ أهل القول الأول بأن العرب تُبقي على الشابّ اسم الغلام،
ومنه قول ليلى الأخيلية [من الطويل]:
شَفَاهَا مِنَ الدَّاءِ الْعُضَالِ الَّذِي بِهَا ... غُلَامٌ إِذَا هَزَّ الْقَنَاةَ سَقَاهَا
وقال صفوان لحسان [من الطويل]:
تَلَقَّ ذُبَابَ السَّيْفِ عَني فَإنَّنِي ... غُلَامٌ إِذَا هُوجِيتُ لَسْتُ بِشَاعِرِ
وفي الخبر: إن هذا الغلام كان يُفسد في الأرض، ويُقسم لأبويه أنه ما
فَعَل، فيُقسمان على قَسَمه، ويَحميانه ممن يطلبه، قالوا: وقوله: {بِغَيْرِ نَفْسٍ} [المائدة: 32]
يقتضي أنه لو كان عن قَتْل نفس لم يكن به بأس، وهذا
يدلّ على كِبَر الغلام، وإلا فلو كان لم يحتلم لم يجب قتله بنفس، وإنما جاز
قتله؛ لأنه كان بالغًا عاصيًا. قال ابن عباس: كان شابًّا يقطع الطريق. وذهب
ابن جبير إلى أنه بلغ سنّ التكليف؛ لقراءة أُبَيّ، وابن عباس: "وأما الغلام
فكان كافرًا، وكان أبواه مؤمنين"، والكفر والإيمان من صفات المكلفين، ولا
يُطلق على غير مكلّف، إلا بحكم التبعية لأبويه، وأبوا الغلام كانا مؤمنين
بالنصّ، فلا يصدق عليه اسم الكافر إلا بالبلوغ، فتعيَّن أن يصار إليه،