3 - (ومنها): أن في قوله: "والنفس تشتهي، والفرج يصدّق، أو يكذب"
ما يُستدَلّ به على أن العبد لا يخلق فعل نفسه؛ لأنه قد يريد الزنا مثلاً،
ويشتهيه، فلا يطاوعه العضو الذي يريد أن يزني به، وتُعجزه الحيلة فيه، ولا
يدري لذلك سبباً، ولو كان خالقاً لفعله لَمَا عجز عن فِعل ما يريده، مع وجود
الطواعية، واستحكام الشهوة، فدلّ على أن ذلك فعل مقدَّر يُقدّرها الله إذا
شاء، ويُعَطِّلها إذا شاء (?).
4 - (ومنها): ما قاله في "العمدة": قوله: "زنا العين"؛ يعني: فيما زاد
على النظرة الأُولى التي لا يملكها، فالمراد: النظرة على سبيل اللذة والشهوة،
وكذلك زنا المنطق فيما يلتذ به، من محادثة ما لا يحل له ذلك منه، والنفس
تمنَّى ذلك، وتشتهيه، فهذا كله يسمى زناً؛ لأنه من دواعي زنا الفرج، قال:
واحتجّ أشهب بقوله: "والفرج يصدّق ذلك أو يكذبه" أنه إذا قال: زَنى يدك،
أو رجلك، لا يُحدّ، وخالفه ابن القاسم، وفي "التوضيح": وقال الشافعيّ: إذا
قال: زنت يدك يُحدّ، واعترض عليه بعض من عاصرناه من الشافعية، والأصح
أن هذا كناية، ففي "الروضة": إذا قال: زنت يدك، أو عينك، أو رجلك، أو
يداك، أو عيناك، فكناية على المذهب، وبه قطع الجمهور؛ يعني: من
الشافعية. انتهى (?)، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللهُ- أوّلَ الكتاب قال:
[6731] ( ... ) - (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ،
حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِح، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -
قَالَ: "كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَى، مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا
النَّظَرُ، وَالأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ،
وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوَى، وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ، وَيُكَذِّبُهُ").
رجال هذا الإسناد: ستّة:
1 - (إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُور) بن بَهْرام الْكَوْسج، أبو يعقوب التميميّ