النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: المراد بالتقدير هنا: الكتابة في اللوح المحفوظ، وفي صحف
التوراة، وألواحها؛ أي: كتبه عليّ قبل خلقي بأربعين سنة، وقد صرّح بهذا في
الرواية التي بعد هذه، فقال: "بكم وجدت الله كتب التوراة قبل أن أخلق؟ ،
قال موسى: بأربعين عاماً، قال: أتلومني على أن عملت عملاً كتب الله عليّ
أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ ، فهذه الرواية مصرّحة ببيان المراد
بالتقدير، ولا يجوز أن يراد به حقيقة القدر، فإن علم الله تعالى، وما قَدّره على
عباده، وأراد من خلقه أزليّ، لا أول له، ولم يزل -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- مريداً لِمَا أراده من
خَلْقه، من طاعة، ومعصية، وخير، وشرّ. انتهى (?).
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، ولله الحمد والمنّة.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللهُ- أوّلَ الكتاب قال:
[6722] ( ... ) - (حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَابْنُ حَاتِمٍ قَالَا: حَدَّثَنَا
يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ لَهُ مُوسَى:
أَنْتَ آدَمُ الَّذِي أَخْرَجَتْكَ خَطِيئَتُكَ مِنَ الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ لَهُ آدَمُ: أَنْتَ مُوسَى ائَدِي
اصْطَفَاكَ اللهُ بِرِسَالَتِهِ (?)، وَبِكَلَامِهِ، ثُمَّ تَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِّرَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ
أُخْلَقَ، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى").
رجال هذا الإسناد: سبعة:
1 - (يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف
الزهريّ، أبو يوسف المدنيّ، نزيل بغدأد، ثقةٌ فاضل، من صغار [9] (ت 208)
(ع) تقدم في "الإيمان" 9/ 141.
2 - (أَبُوهُ) إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف
الزهريّ، أبو إسحاق المدنيّ، نزيل بغداد، ثقةٌ حجة، تُكُلِّم فيه بلا قادح [8]
(ت 185) (ع) تقدم في "الإيمان" 9/ 141.
3 - (ابْنُ شِهَابٍ) محمد بن مسلم الزهريّ، تقدّم قبل بابين.