وَصْل، وهي لغة تميم، وفي لغة غيرهم: اثنتان بهمزة الوصل. (وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً،

بَعَثَ اللهُ إٍلَيْهَا مَلَكًا) هو الملك الموكّل بالرحم، كما بُيّن في حديث أنس -رضي الله عنه-

الآتي. (فصَوَّرَهَا، وَخَلَقَ سَمْعَهَا، وَبَصَرَهَا، وَجِلْدَهَا، وَلَحْمَهَا، وَعِظَامَهَا) قال

القاضي عياض رحمه الله: لا يصحّ حَمْل هذا الحديث على ظاهره؛ لأن التصوير في

الأربعين الثالثة، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12)}

[المؤمنون: 12]- إلى قوله-: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} [المؤمنون: 14] فهذه

الآية تُفَسِّرُ ما جاء في هذه الأحاديث من اختلاف ألفاظها، ويكون معنى

صوّرها، وخلق سمعها وبصرها: كتب ذلك، وما قضى سبحانه وتعالى له من الذكورة

والأنوثة، وكون الأعضاء سويّةً، وغير ذلك، ألا تراه كيف قال: "ويقضي ربك

ما شاء، ويكتب الملك"، فانه يدلّ أنه لم يوجد بعدُ، وإنما كُتب، وقوله في

الآخر: فيكتبان، وتطوى الصحيفة، ثم يكون للملك تصوير آخَر، وهو وقت

نفخ الروح فيه، وله فيه تصرّف بحسب الأقوال وأمثال هذه الأفعال. انتهى (?).

(ثُمَّ قَالَ) الملك: (يَا رَبِّ أَذَكرٌ أَمْ أنثَى؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ)؛ أي:

يأمره بما شاء من الذكورة والأنوثة، (وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ) قال القرطبيّ رحمه الله:

"ويكتب الملك"؛ يعني: من اللوح المحفوظ، كما تقدَّم في حديث يحيى بن

أبي زائدة، ولذلك عَطَف هذه الجملة على ما تقدم بالواو؛ لأنَّها لا تقتضي

ترتيبًا (?). (ثُمَّ يَقُولُ) الملك: (يَا رَبِّ أَجَلُهُ؟ فَيَقُولُ رَبُّكَ مَا شَاءَ، وَيَكْتُبُ

الْمَلَكُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبَّ رِزْقُهُ؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ، ثُمَّ يَخْرُجُ

الْمَلَكُ بِالصَّحِيفَةِ) التي كتبها، واشتملت على هذه الأمور، والحال أنها (فِي

يَدِهِ)؛ أي: يد ذلك الملك.

وقال القرطبىّ رحمه الله: "ثم يخرج الملك بالصحيفة"؛ أي: يخرج من حال

الغَيبة عن هذا العالم إلى حال مشاهدته، فيُطلع الله تعالى بسبب تلك الصحيفة

من شاء من الملائكة الموكلين بأحواله على ذلك؛ ليقوم كلٌّ بما عليه من

وظيفته حسب ما سطّر في صحيفته (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015