وخرّج الإمام أحمد من حديث -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا

عليكم أن لا تعجبوا بأحد حتى تنظروا بِمَ يُختم له، فإن العامل يعمل زمانًا من

عمره، أو برهة من دهره بعمل صالح، أَبُو مات عليه دخل الجنة، ثم يتحول،

فيعمل عملًا سيئًا، وإن العبد ليعمل البرهة من عمره بعمل سيئ، أَبُو مات عليه

دخل النار، ثم يتحول، فيعمل عملًا صالِحًا".

وخرّج أيضًا من حديث عائشة -رضي الله عنهما- عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الرجل ليعمل

بعمل أهل الجنة، وهو مكتوب في الكتاب من أهل النار، فإذا كان قبل موته

تحوّل يعمل بعمل أهل النار، فمات فدخل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل

النار، وإنه لمكتوب في الكتاب من أهل الجنة، فإذا كان قبل موته تحوّل،

فعمل بعمل أهل الجنة، فمات، فدخلها".

وخرّج الإمام أحمد، والنسائيّ، والترمذيّ من حديث عبد الله بن

عمرو -رضي الله عنهما- قال: خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي يده كتابان، فقال: "أتدرون

ما هذان الكتابان؟ " فقلنا: لا يا رسول الله، إلا أن تُخْبرنا، فقال للذي في يده

اليمنى: "هذا الكتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل الجنة، وأسماء آبائهم،

وقبائلهم، ثم أُجمل على آخرهم، فلا يزاد فيه، ولا ينقص منه أبدًا". ثم قال

للذي في شماله: "هذا كتاب من رب العالمين، فيه أسماء أهل النار، وأسماء

آبائهم، وقبائلهم، ثم أُجمل على اخرهم، فلا يزاد فيه، ولا ينقص منه أبدًا".

فقال أصحابه: ففيم العمل يا رسول الله، إن كان أمرًا قد فُرغ منه؟ فقال:

"سدِّدوا، وقاربوا، فإن صاحب الجنة يُختم له بعمل أهل الجنة، وإنْ عَمِل أيّ

عَمَل، وإن صاحب النار يختم له بُعمل أهل النار، وإن عَمِل أيّ عمل"، ثم

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيديه، فنبذهما، ثم قال: "فرغ ربكم من العباد، فريق في

الجنة، وفريق في السعير".

وقد رُوي هذا الحديث عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-من وجوه متعددة، وخرّجه الطبراني

من حديث عليّ بن أبي طالب، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وزاد فيه: "صاحب الجنة

مختوم له بعمل أهل الجنة، وصاحب النار مختوم له بعمل أهل النار، وإن

عَمِل أيّ عَمَل، وقد يُسلك بأهل السعادة طريق أهل الشقاوة، حتى يقال: ما

أشبههم بهم، بل هم منهم، وتُدركهم السعادة، فتستنقذهم، وقد يُسلك بأهل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015