(وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ،

فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ)؛ أي: يغلب عليه المكتوب؛ أي: المقدَّر، أو التقدير،

(فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ) بأن يستغفر، ويتوب (فَيَدْخُلُهَا") وفي الحديث تصريح

بإثبات القَدَر، وأن التوبة تهدم الذنوب، وأن من مات على شيء حُكم له بذلك

من خير، أو شرّ، إلا أن أصحاب المعاصي غير الكفر في المشيئة (?).

وقال القرطبيّ رحمه الله عند قوله: "فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلها": ظاهر

هذا الحديث أن هذا العامل كان عمله صحيحًا، وأنه قَرُب من الجنة بسبب

عمله، حتى أشرف على دخولها، وإنما منعه من دخولها سابق القَدَر الذي يظهر

عند الخاتمة، وعلى هذا فالخوف على التحقيق إنما هو مما سبق؛ إذ لا تبديل

له، ولا تغيير، فإذًا الأعمال بالسوابق، لكن لمّا كانت السوابق مستورة عنّا،

والخاتمة ظاهرة لنا، قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالخواتيم"؛ أي: عندنا وبالنسبة

إلى اطلاعنا في بعض الأشخاص، وفي بعض الأحوال، وأما العامل المذكور

في حديث سهل المتقدّم في "الإيمان" فإنَّه لم يكن عمله صحيحًا في نفسه،

وإنما كان رياء وسمعةً، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة

فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار"، فيستفاد من هذا الحديث الاجتهاد في

إخلاص الأعمال لله تعالى، والتحرز من الرياء، ويستفاد من حديث ابن مسعود

تَرْك العُجْب بالأعمال، وترك الالتفات، والركون إليها، والتعويل على كرم الله

تعالى، ورحمته، والاعتراف بمنّته، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "لن يُنْجي أحدًا منكم

عمله. . ." الحديث (?)، متّفقٌ عليه، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلَّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [1/ 6700 و 6701] (2643)، و (البخاريّ) في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015