في الرحم؛ أي: تمكث النطفة أربعين يومًا تخمر فيه حتى تتهيأ للتصوير، ثم
تخلق بعد ذلك.
وقيل: إن ابن مسعود فسّره بأن النطفة إذا وقعت في الرحم، فأراد الله أن
يخلق منها بشرًا طارت في جسد المرأة تحت كل ظفر وشعر، ثم تمكث أربعين
يومًا، ثم تنزل دمًا في الرحم، فذلك جَمَعها.
قال الحافظ: هذا التفسير ذكره الخطابيّ، وأخرجه ابن أبي حاتم في
"التفسير" من رواية الأعمش أيضًا عن خيثمة بن عبد الرحمن، عن ابن مسعود.
وقوله: "فذلك جَمْعها" كلام الخطابيّ، أو تفسير بعض رواة حديث
الباب، وأظنه الأعمش، فظنَّ ابن الأثير أنه تتمة كلام ابن مسعود، فأدرجه
فيه، ولم يتقدم عن ابن مسعود في رواية خيثمة ذِكر الجمع حتى يفسره.
وقد رجَّح الطيبي هذا التفسير، فقال: الصحابي أعلم بتفسير ما سَمِع،
وأحقّ بتأوبله، وأَولى بقبول ما يتحدث به، وأكثر احتياطًا في ذلك من غيره،
فليس لمن بعده أن يتعقب كلامه.
وقد وقع في حديث مالك بن الحويرث، رَفَعَهُ ما ظاهره يخالف التفسير
المذكور، ولفظه: "إذا أراد الله خَلْق عبد، فجامع الرجل المرأة، طار ماؤه في
كل عِرْق وعضو منها، فإذا كان يوم السابع جمعه الله، ثم أحضره كل عِرْق له
دون آدم في أي صورة ما شاء ركبه"، وفي لفظ: "ثم تلا: {فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)} [الانفطار: 8]؛ وله شاهد من حديث رباح اللخميّ، لكن ليس فيه
ذِكر يوم السابع.
وحاصله: أن في هذا زيادة تدلّ على أن الشَّبَه يحصل في اليوم السابع،
وأن فيه ابتداء جَمْع المنيّ، وظاهر الروايات الأخرى أن ابتداء جَمْعه من ابتداء
الأربعين.
وقد وقع في رواية عبد الله بن ربيعة، عن ابن مسعود: أن النطفة التي
تُقْضَى منها النفس إذا وقعت في الرحم كانت في الجسد أربعين يومًا، ثم
تحادرت دمًا، فكانت عَلَقَةً.
وفي حديث جابر: أن النطفة إذا استقرّت في الرحم أربعين يومًا، أو
ليلة، أَذِن الله في خَلْقها، ونحوه في حديث عبد الله بن عمرو.