وفي "معرفة الصحابة" (?) لابن منده عن شراحيل المنقريّ: "أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من تُوُفّي له أولاد في سبيل الله تعالى، دخل الجنة بفضل
حِسْبَتهم"، وهذا الحديث إنما هو في البالغين؛ لأنهم الذين يُقتلون في سبيل الله
تعالى غالبًا. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: لا بُعد في هذا التقرير الذي أيّده وليّ الدين رحمه الله
وحاصله إلحاق البالغين بغيرهم في هذا الحكم، ويؤيّد ذلك ما أخرجه البخاريّ
في "صحيحه" عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: يقول الله تعالى:
ما لعبدي المؤمن عندي جزاء، إذا قبضت صفيّه من أهل الدنيا، ثم احتسبه،
إلا الجنة" (?).
فهذا الحديث نصّ صريح في أن من أُصيب بولد بالغ، ثم احتسبه،
فجزاؤه الجنّة، وهذا هو معنى حديث الباب، والله تعالى أعلم.
9 - (التاسعة):
ظاهره أنه لا فرق بين أن يكون شديد المحبة لأولاده، أو خفيفها، أو
خاليًا من محبتهم، أو كارهًا لهم؛ لأن الولد مظنة المحبة والشفقة، فَنِيْطَ
الحكم به، وإنْ تخلَّف في بعض الأفراد، وقد يحب الشخص بعض أقاربه، أو
أصدقائه أكثر من محبة ولده، ومع ذلك فلم يَرِدْ ترتيب هذا الأمر على موت
القريب والصديق، ولا على موت الأب، والأم، لكن في معجم الطبرانيّ
الأوسط بإسناد ضعيف، عن سهل بن حُنيف قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من لم
يكن له فَرَط لم يدخل الجنة، إلا تصريدًا، قال رجل: يا رسول الله ما لكلنا
فَرَط، قال: أوَ ليس من فَرَط أحدكم أن يَفْقِد أخاه المسلم؟ ".