رواية: لا يقوم له شيء، قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

وفي معنى هذا الأثر ما ثبت في "صحيح مسلم" (179) من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -، مرفوعًا: "إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يَخفض القسط، ويرفعه، يُرفَع إليه عمل النهار قبل الليل، وعمل الليل قبل النهار، حجابه النور أو النار، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه".

قال الإمام ابن كثير - رَحِمَهُ اللهُ - ما حاصله: نفيُ الإدراكِ الخاصِّ لا ينفي الرؤية يوم القيامة، يتجلى لعباده المؤمنين كما يشاء، فأما جلاله وعظمته على ما هو عليه تعالى وتقدس وتنزه، فلا تدركه الأبصار، ولهذا كانت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - تثبت الرؤية في الدار الآخرة، وتنفيها في الدنيا، وتحتج بهذه الآية {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} فالذي نفته الإدراك الذي بمعنى رؤية العظمة والجلال على ما هو عليه، فإن ذلك غير ممكن للبشر، ولا للملائكة، ولا لشيء.

وقوله تعالى: {وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} أي يحيط بها، ويعلمها على ما هي عليه؛ لأنه خلقها، كما قال تعالى: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)} [الملك: 14]، وقد يكون عَبَّر بالأبصار عن المبصرين، كما قال السُّدّيّ في قوله: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ}: لا يراه شيء، وهو يرى الخلائق.

وقال أبو العالية في قوله تعالى: {وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} قال: اللطيف باستخراجها، الخبير بمكانها، والله أعلم.

وهذا كما قال تعالى إخبارًا عن لقمان فيما وعظ به ابنه: {يَابُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16)} [لقمان: 16]. انتهى كلام ابن كثير - رَحِمَهُ اللهُ - (?)، وهو نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

ثم استدلّت عائشة - رضي الله عنها - أيضًا بآية أخرى على ما قالته من نفي الرؤية،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015