(تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا، فَأَطْعَمْتُهَا)؛ أي: أعطيتها طعاماً، (ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ) تقدّم
في الرواية السابقة أن قالت: "فلم تجد عندي شيئاً غير تمرة واحدة، فأعطيتها
إياها"، والأقرب في الجمع عندي: الحمل على تعدّد القصّة، والله تعالى أعلم.
(فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ) من ابنتيها، (مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا) "في" لغة
في الفم، وهي من الأسماء الستّة التي تُرفع بالواو، وتُنصب بالألف، وتُجرّ
بالياءْ. (تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا، فَاسْتَطْعَمَتْهَا) وفي نسخة: "فاستطعمها" بحذف التاء،
(ابْنَتَاهَا)؛ أي: سألتاها تلك التمرة، (فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ الَّتي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا
بَيْنَهُمَا) هذا من شدّة رأفتها بابنتيها، ولذا وجب لها الجنّة، قالت عائشة - رضي الله عنها -:
(فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا)؛ أي: حالها الذي جرى بينها وبين ابنتيها في تلك التمرة،
وفي رواية ابن حبّان: "فأعجبني حَنَانها"، (فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،
فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("إِنَّ اللهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا)؛ أي: للمرأة، (بِهَا)؛ أي: بسبب هذه
الصنعة، وهي إيثارها ابنتيها على نفسها بتلك التمرة، (الْجَنَّةَ، أَوْ) للشكّ من
الراوي، ولم يتبيّن لي من هو؟ ، شكّ هل قال: "قد أوجب لها بها الجنّة"، أو
قال: (أَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ") وفي رواية ابن حبّان: "إن الله قد أوجب لها
الجنّة، وأعتقها بها من النار"، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللهُ-.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [46/ 6671] (2630)، و (ابن ماجه) في
"الآداب" (3668)، و (أحمد) في "مسنده" (6/ 92)، و (ابن حبّان) في
"صحيحه" (448)، و (الطبرانيّ) في " الأوسط " (4/ 244 و 6/ 278)، و (البيهقيّ)
في "شُعب الإيمان" (7/ 468)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في انتقاد الحفّاظ على مسلم في هذا الحديث:
قال الحافظ أبو الحسين العطّار -رَحِمَهُ اللهُ- في "غرر الفوائد": وفي سماع عراك
من عائشة - رضي الله عنها - نظر؛ فإنه إنما يروي عن عروة، عن عائشة، وقد ذكر الإمام أبو
عبد الله أحمد بن حنبل: أن حديثه عن عائشة مرسل، وقال موسى بن هارون