وقد أَجاز الأَخفشُ أن يُقال: رجلُ السَّوْءِ، ورجلُ سَوْءٍ، بفتح السين فيهما، ولم
يُجز: رجلُ السُّوءِ، بضم السِّين؛ لأَنَّ السُّوءَ اسمٌ للضُّرِّ، وسوءِ الحال، وإِنَّما
يُضاف إلى المصدر الذي هو فِعله، كما يقال: رجلُ الضَّرب، والطَّعنِ، فيقومُ
مقامَ قولك: رجلٌ ضرَّابٌ، وطغانٌ، فلهذا جاز أَنَّ يقال: رجَلُ السَّوْءِ، بالفتح،
ولم يَجُزْ أَنَّ يقال: هذا رجلُ السُّوءِ، بالفحمِّ، وتقول في النَّكرة: رجلُ سَوْءٍ، وإذا
عرَّفت قلت: هذا الرجلُ السَّوْءُ، ولم تُضِف، وتقول: هذا عملُ سَوْءٍ، ولا تقل:
السَّوْءِ؛ لأنَّ السَّوْءَ يكون نعتأ للرجل، ولا يكون السَّوْءُ نعتأ للعمل؛ لأنَّ الفعل
من الرجل، وليس الفعل من السَّوْءِ، كما تقول: قوْلُ صدفي، والقولُ الصِّدقُ،
ورجلُ صدق، ولا تقول: رجلُ الصِّدق؛ لأنَّ الرجل ليس من الصِّدقِ. انتهى (?).
(كحَامِلِ الْمِسْكِ) قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "المِسْكُ": طِيْب معروف، وهو
مُعَرَّب، والعرب تسميه المشموم، وهو عندهم أفضل الطيب، ولهذا ورد:
"لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ عِنْدَ الله أَطْيَبُ مِنْ رِيحِ المِسْكِ " (?)؛ ترغيباً في إبقاء أثر
الصوم، قال الفراء: المِسْكُ مُذكَّر، وقال غيره: يُذكَّر، ويؤنَّث، فيقال: هو
المِسْكُ، وهي المِسْكُ، وأنشد أبو عبيدة على التأنيث قول الشاعر [من الرجز]:
وَالمِسْكُ وَالعَنْبَرُ خَيْرُ طِيبٍ ... أُخِذَتَا بِالثَّمَنِ الرَّغِيبِ
وقال السجستانيّ: من أنَّث المِسْكَ جعله جمعاً، فيكون تأنيثه بمنزلة
تأنيث الذهب، والعسل، قال: وواحدته مِسْكَةٌ، مثل ذهب وذهبة، قال ابن
السِّكِّيت: وأصله مِسِكٌ بكسرتين، قال رؤبة:
إِنْ تُشْفَ نَفْسِي مِنْ ذُبَابَاتِ الحَسَكِ ... أَحْرِ بِهَا أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ المِسِكْ
وهكذا رواه ثعلب عن ابن الأعرابيّ، وقال ابن الأنباريّ: قال
السجستانيّ: أصله السكون، والكسر في البيت اضطرار؛ لإقامة الوزن، وكان
الأصمعيّ يُنشد البيت بفتح السين، ويقول: هو جمع مِسْكَةٍ، مثلُ خِرْقة وخِرَق،
وقِرْبة وقِرَب، وبؤيد قول السجستانيّ أنه لا يوجد فِعِلٌ بكسرتين، إلا إبل، وما
ذُكر معه، فتكون الكسرة لإقامة الوزن، كما قال [من الرجز]: